الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن العفو عن المتسبب في الحادث أفضل من أخذ الحق منه, سواء كان غنيا، أو فقيرا، فقد قال الله تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {البقرة: 137}.
وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى: 40}.
وقال تعالى: وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التغابن: 14}.
وقال سبحانه: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ { الشورى: 43} .
وقد كان العفو والصفح خلق النبي الكريم، فقد سئلت عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن خلق رسول الله, فقالت: لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق, ولا يجزي بالسيئة السيئة, ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين.
ومع هذا، فمن حق المصاب في حوادث السير، أو غيرها تحميل الجهة المتسببة تكاليف الإصلاح, وقد بينا هذا الحكم من قبل مع أدلته, ولك أن تراجع فيه الفتويين رقم: 9215, ورقم: 276
ولو أن الشخص سامح الفقير رحمة به دون الغني فهو مأجور بمسامحته للفقير ولا حرج عليه في عدم مسامحة الغني خصوصا أن تقديم الفقراء المحتاجين في الإنفاق قد ورد به الشرع الحنيف، كما في قوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ {البقرة: 215} .
بل لو أنه سامح فقيرا دون فقير فإنه يكون مأجور فيمن سامحه وليس عليه حرج فيمن لم يسامحه.
والله أعلم.