الهبة سبب في انتقال الملك للموهوب له

5-1-2011 | إسلام ويب

السؤال:
نحن 3 إخوة ذكور، ولنا أخ متوفى من 14 عاما، وجاءت لأخي فرصة الدراسة في أمريكا لمدة عام واحد، فوجدته قبل سفره يكتب لي عقدا بالشقة التي يمتلكها ( أخي المتوفى اشتراها بعقد ابتدائي من صاحبها والذي كان بدوره مشتريها من التعاونيات ) وقال لي أخي المتوفى لا تبع الشقة واتفسحوا فيها بمعنى أنني أملك الشقة بموجب العقد الذي كتبه لي وأن إخوتي ووالدتي لهم الحق فقط في الفسحة في هذه الشقة ( حق انتفاع فقط ولفترات الفسحة )علما بأن والدتي كانت على قيد الحياة وقتها، ولكنه كتب العقد باسمي أمامها وقال لي سجل هذا العقد باسمك، وكان أخواي الآخران و هما مهندسان بالسعودية وأنا كنت محاسبا ببنك في مصر ومصاب بشلل أطفال، وأعتقد أن هذا سبب كتابة أخي الشقة لي باسمي، ولم يكتب باقي ما يملكه مثل السيارة والأجهزة الكهربائية التي كان يشتريها، كما أنه قام بعمل توكيل عام، ويعمل بهذا التوكيل خارج البلاد وداخلها بمعنى أنه لم يكن هناك أي مبرر لكتابة عقد بالشقة لي إلا نقل ملكيتها لي، وعاد أخي من أمريكا بعد حوالي 6 أشهر، وكان أول ما سألني عنه هو : هل سجلت عقد الشقة باسمك فقلت له لا فكرر طلبه منى بأن أسجل الشقة باسمي ( وهذا دليل على تصميمه بكتابة الشقة باسمي ) وكانت والدتي على قيد الحياة، وعاد أخي لأمريكا، و توفي هناك، وجاء لي أخي الأصغر وقال لي إنه سمع من أصدقاء أخي المتوفى بأنه أوصى بالشقة لي فقلت له إنه كتب عقدا لي، ولكن الشقة لنا جميعا (بناء على كلام أخي ) ولأني خشيت أن يكون هناك خطأ شرعي في عقدي؛ لأن أخي كتب لي العقد و لم يطلب مني ثمنها ولكن فقط أستكمل سداد أقساطها ) ونقلت لإخوتي كلام أخى بالنص بأن أسجل عقد الشقة باسمى بموجب بيعه الشقة لي بعقد ابتدائي، ونتفسح فيها جميعا، ولكني لم أسجل العقد أيضا، وقام إخوتي باستكمال سداد الأقساط معي، والآن أخي اشترى الشقة بعقد ابتدائي من شخص آخر مسجلة باسمه في التعاونيات، فطلب مني أخي أن ننقل الشقة في التعاونيات باسمنا كورثة، فوافقت على اعتبار أن ذلك لا يؤثر على ملكيتي للشقة، لأنني وقعت معهم كوريث لأخي وكطرف مشتر. ومنذ فترة بسيطة حلمت بأخي المتوفى في ضيق شديد جدا لم أره على أحد، وعندما استيقظت قلت ليس بيني وبين أخي شيء إلا وصيته بتسجيل عقد البيع باسمي؛ لأنه باع لي الشقة في حياته فاستشرت دار الإفتاء المصرية واثنين عندنا بمصر كانوا عمداء لكلية الشريعة والقانون وأجابوا جميعا بأن الشقة ملك لي وأن على إخوتي أن ينقلوها باسمى كورثة لأخي المتوفى على أن أرد لهم ما دفعوه معي من أقساط بالخطأ، علما بأنني أبلغتهم بالفتاوى التي حصلت عليها من أكثر من شخص موثوق به، ورد دار الإفتاء المصرية، ولكنهم يرفضون أن يردوها لي بحجة أنهم شاركوا في سداد الأقساط ( و أنا أعتقد أن سداد الأقساط لا يعطي لهم حق الملكية لأن الأقساط ليست بيعا، كما أنني لم أحرر عقد بيع مني لهم والأقساط ليست عقد بيع لما أملكه ) ولكنهم للأسف رفضوا ذلك. فهل يجب على إخوتي ( بعد أن علمت بصحة عقدي وأن من حق أخي أن يبيع لي في حياته ما يشاء وبأي شروط )فهل يجب على إخوتي نقل ملكية الشقة لي كورثة لمن باعني الشقة وتنفيذا لوصيته لي بتسجيل عقد الشقة باسمى (البيع تم في حياته لكن وصيته بتسجيل عقدي لم تتم للآن ) لأن إخوتي يرفضون ذلك.


الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا حرج أن يهب الأخ لأخيه شيئا من ممتلكاته، وتصح هذه الهبة وتكون سببا لانتقال الملك ما دام الواهب كامل الأهلية للتصرف، بشرط أن يحوز الموهوب له هذه الهبة ويقبضها. وراجع الفتويين : 27854,18923.

وقد اتفق الفقهاء على أن قبض العقار يكون بالتخلية والتمكين من اليد والتصرف، كما في الموسوعة الفقهية . وقال ابن قدامة في المغني : قبض كل شيء بحسبه. فإن كان المبيع دراهم أو دنانير فقبضها باليد. وإن كان مما لا ينقل ويحول فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه لا حائل دونه. لأن القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالأحراز والتفرق، والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا. اهـ

وعلى ذلك، فإن كان الأخ الواهب خلى بين السائل وبين هذه الشقة ومكنه من التصرف فيها، فهي هبة صحيحة نافذة. وأما طلب الواهب عدم بيع هذه الشقة؛ فالذي فهمناه من السؤال أن ذلك لم يكن على سبيل الشرط، بمعنى أن الواهب لم يعلق هذه الهبة على شرط عدم البيع، وإنما أمر الموهوب بذلك على سبيل الطلب والوصية . وعلى افتراض أن ذلك شرط في الهبة فهو شرط ينافي مقتضى العقد، الذي هو تمام الملك وصحة التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرف، ومثل هذا الشرط باطل، وتبقى الهبة صحيحة عند جمهور أهل العلم. وراجع الفتوى رقم : 124965.

وإذا صحت هذه الهبة صارت هذه الشقة ملكا للسائل دون بقية الورثة، ولا تدخل في تركة المتوفى أصلا. وأما ما قام به السائل من نقل الشقة باسم جميع الورثة باعتبار أن ذلك لا يؤثر على ملكيته للشقة، فهو كذلك ما دام هذا قد تم دون نية التمليك، فلا يترتب عليه أثر، ولا تزال الشقة على ملكه. وراجع الفتاوى التالية : 111846,112584,36133.

وأما ما دفعه الإخوة من أقساط هذه الشقة فلا يخلو من أن يكون على أحد وجهين :

-الأول : التبرع لأخيهم بذلك، خاصة وهم يعلمون أنهم سينتفعون معه بهذه الشقة. وفي هذه الحال يكون ما دفعوه بمثابة الهبة لأخيهم مالك الشقة، فلا رجوع لهم فيها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. متفق عليه. وراجع الفتويين : 75554,121089.

-الثاني : أن يكون من دفع ذلك دفعه على سبيل المعاوضة، أو أنه يعتقد أن له في الشقة نصيبا، فهو يدفع في ملكه. وفي هذه الحال يكون لهم الرجوع على أخيهم بما دفعوه.

وأخيرا ننبه السائل على أن العمل في البنك إن كان ربويا لا يجوز. وراجع الفتاوى التالية : 3502,36212,118237.   

والله أعلم .

 

www.islamweb.net