الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج أن يهب الأخ لأخيه شيئا من ممتلكاته، وتصح هذه الهبة وتكون سببا لانتقال الملك ما دام الواهب كامل الأهلية للتصرف، بشرط أن يحوز الموهوب له هذه الهبة ويقبضها. وراجع الفتويين : 27854,18923.
وقد اتفق الفقهاء على أن قبض العقار يكون بالتخلية والتمكين من اليد والتصرف، كما في الموسوعة الفقهية . وقال ابن قدامة في المغني : قبض كل شيء بحسبه. فإن كان المبيع دراهم أو دنانير فقبضها باليد. وإن كان مما لا ينقل ويحول فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه لا حائل دونه. لأن القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالأحراز والتفرق، والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا. اهـ
وعلى ذلك، فإن كان الأخ الواهب خلى بين السائل وبين هذه الشقة ومكنه من التصرف فيها، فهي هبة صحيحة نافذة. وأما طلب الواهب عدم بيع هذه الشقة؛ فالذي فهمناه من السؤال أن ذلك لم يكن على سبيل الشرط، بمعنى أن الواهب لم يعلق هذه الهبة على شرط عدم البيع، وإنما أمر الموهوب بذلك على سبيل الطلب والوصية . وعلى افتراض أن ذلك شرط في الهبة فهو شرط ينافي مقتضى العقد، الذي هو تمام الملك وصحة التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرف، ومثل هذا الشرط باطل، وتبقى الهبة صحيحة عند جمهور أهل العلم. وراجع الفتوى رقم : 124965.
وإذا صحت هذه الهبة صارت هذه الشقة ملكا للسائل دون بقية الورثة، ولا تدخل في تركة المتوفى أصلا. وأما ما قام به السائل من نقل الشقة باسم جميع الورثة باعتبار أن ذلك لا يؤثر على ملكيته للشقة، فهو كذلك ما دام هذا قد تم دون نية التمليك، فلا يترتب عليه أثر، ولا تزال الشقة على ملكه. وراجع الفتاوى التالية : 111846,112584,36133.
وأما ما دفعه الإخوة من أقساط هذه الشقة فلا يخلو من أن يكون على أحد وجهين :
-الأول : التبرع لأخيهم بذلك، خاصة وهم يعلمون أنهم سينتفعون معه بهذه الشقة. وفي هذه الحال يكون ما دفعوه بمثابة الهبة لأخيهم مالك الشقة، فلا رجوع لهم فيها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. متفق عليه. وراجع الفتويين : 75554,121089.
-الثاني : أن يكون من دفع ذلك دفعه على سبيل المعاوضة، أو أنه يعتقد أن له في الشقة نصيبا، فهو يدفع في ملكه. وفي هذه الحال يكون لهم الرجوع على أخيهم بما دفعوه.
وأخيرا ننبه السائل على أن العمل في البنك إن كان ربويا لا يجوز. وراجع الفتاوى التالية : 3502,36212,118237.
والله أعلم .