الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء للأخ السائل ـ وفقه الله ـ إن كان حلق العذار وقع بعد حلق الرأس فلا فدية عليه، لأنه حلق وقع بعد التحلل من الإحرام، وإنما تجب منه التوبة، لأنه من اللحية فهو شعر لا يجوز حلقه، كما بينا في الفتوى رقم: 130782.
وإن كان حلقه وقع قبل حلق الرأس فهذا أخذ من الشعر قبل التحلل، فإن كان خطئا ـ كما يظهر لنا ـ فلا فدية عليه عند كثير من الفقهاء، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: جميع محظورات الإحرام إذا لم يتعمدها الإنسان ووقعت منه علي سبيل الخطإ، أو على سبيل النسيان فإنه لا حرج عليه فيها، لأن الله سبحانه وتعالي قال في كتابه: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ـ وقال سبحانه وتعالي: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ـ وقد فعل الله سبحانه وتعالي ذلك. اهـ.
والجاهل ليس بعامد فيما يعذر فيه بالجهل، ثم إن من لزمته فدية عن فعل محظور كحلق الشعر فليست الفدية عن كل شعرة، وإنما إذا حلق ثلاث شعرات فأكثر ـ عند الحنابلة والشافعية ـ فإنه تلزمه فدية واحدة وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين, لكل مسكين نصف صاع ـ مدين من تمر، أو غيره من الطعام ـ وهو من البر الجيد كيلو وعشرين جراما تقريبا لكل مسكين، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ بِشَاةٍ. متفق عليه.
وأما إذا حلق أقل من ثلاث شعرات فعن كل شعرة مد من طعام, وانظر الفتوى رقم: 130782، عن الأخذ من الشعر المحاذي للأذن عند التحلل من الإحرام.
والفتوى رقم: 128247، عن أقوال الفقهاء في حلق الشعر وتفصيل ما يجب فيه.
والله أعلم.