الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نسأل الله تعالى أن يفرج كربك، ونهنئك بالرضا بقضاء الله وتفويض الأمر إليه، ثم عليك باللجوء إلى الله بالدعاء، فهو بحق سلاح المؤمن الذي لا ينبغي أن يفارقه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرد القضاء إلا الدعاء. رواه الترمذي وحسنه، وحسنه الألباني. وقال أيضاً صلوات الله وسلامه عليه: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني.
هذا مع صدق التوكل على الله، وحسن الظن والاستعانة به سبحانه.
وأما عن الرقية، فإن يُشرع العلاج بالرقى والأدعية إذا كانت مشتملة على ذكر الله، وكانت مفهومة، أما ما لا يفهم فإنه لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك. ففي صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
وفي خصوص حرق الأوراق التي كتب بها القرآن والتبخير بها مع الأعشاب فإنه ليس معروفاً عن السلف، وإنما هو معروف عن المشعوذين والدجالين، فلماذا يعدل عن التلاوة للقرآن التي هي هدي السلف إلى إحراقه والتبخر به، ثم إنه لا يؤمن المشعوذ أن يبخر المصاب بأشياء أخرى كتب عليها أشياء من عمل المشعوذين.
ولذا نرى عدم جواز استعمال البخور المذكور، لا سيما وأن المشعوذين من طقوسهم استعمال البخور، وهو من اعتقادات الصابئة عباد النجوم، وكذلك النصارى وغيرهم من المبتدعة والمشركين، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد بلغني أيضاً أنهم يعني النصارى يخرجون يوم الخميس الذي قبل ذلك أو يوم السبت أو غير ذلك إلى القبور ويبخرونها، وكذلك يبخرون بيوتهم في هذه الأوقات، وهم يعتقدون أن في البخور بركة ودفع أذى لا لكونه طيباً ويعدونه من القرابين.. إلى أن قال: وإنما ذكرت ما ذكرته لما رأيت كثيراً من المسلمين يفعلونه وأصله مأخوذ عنهم... إلى آخر كلامه رحمه الله.
وقال في موضع آخر مبيناً الانحرافات التي تحدث في تشبه المسلمين بالنصارى في أعيادهم، فذكر منها: ورقي البخور مطلقاً في ذلك الوقت أو غيره أو قصد شراء البخور المرقي، فإن رقي البخور واتخاذه قربانا هو دين النصارى والصابئين. انتهى من كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم).
وأما ما طلب منك تعليقه فيتعين النظر في محتواه، فإن كان فيه شيء غير مفهوم أو شيء من الشرك، فيجب البعد عنه، وإن كان فيه أدعية واضحة المعنى أو بعض آيات القرآن فهو من تعليق التمائم، وقد اختلف العلماء في تعليق التمائم إن كانت متضمنة لشيء من القرآن، وقد سبق بيان أقوالهم في ذلك والراجح منها في الفتوى رقم: 4137.
وراجعي فيما ذكره من قراءة سورة معينة سبع مرات، الفتوى رقم: 94958، ولمعرفة طريقة العلاج الرباني والفرق بينها وبين طرق المشعوذين، والمزيد عما تقدم راجعي فيه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24876، 18831، 28668، 6347، 7151، 13449، 80694، 130639.
والله أعلم.