الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المسألة من مسائل النزاع والخصومة، والقول فيها للقضاء الشرعي، ولكننا نذكر مسألة إقامة شهود زور لمن جحد حقه ولم يجد إلا هذا الطريق نذكرها مجردة عن قضية السائل، فهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم، كما اختلفوا في مسألة الظفر، وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم في كتابه الفذ: إعلام الموقعين ـ فذكر في النوع الرابع من أنواع الحيل: أن يقصد بالحيلة أخذ حق، أو دفع باطل، وهذا القسم ينقسم إلى ثلاثة أقسام أيضا: أحدها: أن يكون الطريق محرما في نفسه، وإن كان المقصود به حقا، مثل أن يكون له على رجل حق فيجحده ولا بينة له، فيقيم صاحبه شاهدي زور يشهدان به ولا يعلمان ثبوت ذلك الحق، ومثل أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا ويجحد الطلاق ولا بينة لها، فتقيم شاهدين يشهدان أنه طلقها ولم يسمعا الطلاق منه، ومثل أن يكون له على رجل دين وله عنده وديعة، فيجحد الوديعة فيجحد هو الدين أو بالعكس، ويحلف ما له عندي حق أو ما أودعني شيئا. وإن كان يجيز هذا من يجيز مسألة الظفر ونظائره ممن له حق لا شاهد له به، فيقيم شاهدي زور يشهدان له به، فهذا يأثم على الوسيلة دون المقصود. وفي مثل هذا جاء الحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. اهـ.
والله أعلم.