الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المسلم أن يتحرى الكسب الحلال ويحذر من الكسب الحرام، وإذا حصل عنده شيء من المال الحرام ثم تاب فالواجب عليه أن يرده إلى صاحبه إن كان معروفا إلا أن يعجز عن ذلك فيتخلص منه بصرفه في وجوه الخير ومصالح المسلمين، أما أن ينفق المال الحرام في عمل يتقرب به إلى الله كالصدقة أو الأضحية أو العقيقة فلا أجر له على ذلك، فإن الله لا يقبل إلا ما كان من مال حلال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا.. رواه مسلم.
أما إجزاؤها عن العقيقة فهي مجزئة عند الجمهور.
وقال القرافي: الَّذِي يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ يَتَوَضَّأُ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ يَحُجُّ بِمَالٍ حَرَامٍ. كُلُّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ فِي الصِّحَّةِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ، وَالْعِلَّةُ في مَا تَقَدَّمَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الْحَجِّ وَالسُّتْرَةِ وَصُورَةِ التَّطَهُّرِ قَدْ وُجِدَتْ مِنْ حَيْثُ الْمَصْلَحَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ، وَإِذَا حَصَلَتْ حَقِيقَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَصْلَحَةُ كَانَ النَّهْيُ مُجَاوِرًا وَهِيَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ. أنوار البروق في أنواع الفروق.
وأما عن السن المجزئة في العقيقة فالجمهور على أنها كالأضحية، فلا يجزئ من الإبل إلا ما أتم خمس سنين ولا من البقر إلا ما أتم سنتين، ولا من الماعز إلا ما أتم سنة، ولا من الضأن إلا ما أتم ستة أشهر، وانظر الفتوى رقم: 13271، وإذا كان الإنسان لا يعرف سن البهيمة فيكفيه سؤال البائع إن كان ثقة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فإذا قال قائل: هل يكتفى بقول البائع، أو لا بد أن يقول المشتري للبائع ائت بشهود؟
الجواب: فيه تفصيل: إن كان البائع ثقة فإن قوله مقبول؛ لأن هذا خبر ديني، كالخبر بدخول وقت الصلاة.... الشرح الممتع على زاد المستقنع.
وعلى ذلك فإن كنت عملت بقول البائع لثقتك فيه فلا شيء عليك بعد ذلك، لأنك لم تفرط.
قال الشيخ ابن عثيمين: مَنْ صَلَّى باجتهاد، فصلاتُه صحيحة؛ سواءٌ أخطأ أم أصاب، وسواء في السَّفر أم في الحضر على القول الرَّاجح. الشرح الممتع على زاد المستقنع.
وأما إن كنت قد فرطت وعملت بقول البائع من غير استيثاق، فلا تجزئك العقيقة.
والله أعلم.