الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كلام هذا الرجل مع زوجته اشتمل على حيلة فعلا، وقد كذب فيما ادعاه من نفي الزوجية ثانيا، وكذبه على زوجته في هذه الحالة مباح لأن الزواج بالثانية مباح في الأصل ونفيه له حتى لا تتوتر العلاقة بينه مع الأولى وتدوم العشرة والألفة بينهما لا حرج فيه، لما رواه مسلم في صحيحه أن أم كلثوم بنت عقبة قالت: ولم أسمعه -أي الرسول صلى الله عليه وسلم- يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.
فهذا الحديث يدل على جواز أن يكذب الرجل على زوجته وكذلك المرأة على زوجها، ولكن أهل العلم قيدوا كذب الرجل على امرأته وعكسه بأن يكون الكذب فيما يتعلق بأمر المعاشرة وحصول الألفة بينهما.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: واتفقوا على أن المراد بالكذب في حق المرأة والرجل إنما هو فيما لا يسقط حقا عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: يجوز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجاج بن علاط على المشركين حتى أخذ ماله من مكة من غير مضرة لحقت بالمسلمين من ذلك الكذب، وأما ما نال من بمكة من المسلمين من الأذى والحزن، فمفسدة يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب.
والله أعلم.