الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين : 37112، 116133.
والذي ننصحك به ألا تتعجلي في طلب الطلاق ، فإن الطلاق ينبغي ألا يصار إليه إلا بعد تعذر جميع وسائل الإصلاح ولا سيما في حال وجود أولاد ، و إذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق ، كان ذلك أولى من الفراق.
واحذري كل الحذر من استدراج الشيطان والوقوع في حبائله والسقوط في الفتنة، بدعوى أنك لاتجدين من زوجك ما يشبع حاجتك العاطفية ، فتلك دعوى باطلة ومسلك شيطاني خبيث ، وإنما يجوز لك إذا أبغضت زوجك وخشيت ألا تقومي بحقه أن تطلبي الطلاق أو الخلع، لكن ننبهك إلى أن وجود المودة والألفة بين الزوجين يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور، والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، كما أن مشاعر الحب والمودة ليست شرطاً لاستقرار الحياة الزوجية ، قال عمر رضي الله عنه لرجل يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟
وقال أيضاً لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
ثم إن هذه المشاعر يمكن تنميتها مع الوقت، فما دمت تحسنين عشرته، وتظهرين له المودة والحب، ولو بالتكلّف والتصنّع ، وتحرصين على إثراء مشاعر المودة عنده، بالمواقف الطيبة، والكلمات الرقيقة، والهدية ولو باليسير ، والتعاون على طاعة الله ، مع الاستعانة بالله ودعائه ، فسوف يثمر ذلك ثماره الطيبة بإذن الله ، فهو سبحانه قريب مجيب .
نسأل الله أن يؤلف بين قلبيكما وأن يجعل زوجك لك قرة عين .
والله أعلم.