الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما عن تعليقك الأول لطلاق زوجتك: فالقول فيه أن اليمين مبناها على نية الحالف، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف, فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه, سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له. انتهى.
وبناء على ذلك، فإن كنت قد علقت طلاق زوجتك على عدم إرجاع الذهب عند ما تجد يسارا وسعة من العيش فلا حنث عليك الآن إن كان الحال على ما ذكرت من ضيق ذات اليد، ولا يقع الحنث إلا إذا امتنعت عن دفع الذهب المذكور بعد حصول اليسار كما نويت، فإن لم يحصل يسار فلا يقع طلاق إلا بتعذر اليسار بموت، أو نحوه. هذا بناء على أن أداة إذا التي جئت بها في تعليق الطلاق تدل على التراخي وهو أحد مذهبين لأهل العلم في المسألة ويؤيده كون الأصل بقاء النكاح فلا يزول إلا بيقين، جاء في المغني لابن قدامة الحنبلي: وأما إذا ففيها وجهان:
أحدهما: هي على التراخي، وهو قول أبي حنيفة ونصره القاضي، لأنها تستعمل شرطا بمعنى إن, قال الشاعر:
استغن ما أغناك ربك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتجمل.
فجزم بها كما يجزم بإن, ولأنها تستعمل بمعنى متى وإن, وإذا احتملت الأمرين, فاليقين بقاء النكاح, فلا يزول بالاحتمال.
والوجه الآخر: أنها على الفور، وهو قول أبي يوسف ومحمد وهو المنصوص عن الشافعي، لأنها اسم لزمن مسقبل فتكون كمتى. انتهى.
وقولك لزوجتك: لم آخذ منك شيئا ـ فيه كذب صريح، لأنك قد أخذت منها الذهب بنية إرجاعه فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك ولا تنفعك نية عدم إنكار الدين من أصله.
وبخصوص الطلاق الثلاث المعلق على مشاهدتها للأفلام وقد كررته ثلاثا فلا حنث عليك إذا لم تشاهد زوجتك تلك الأفلام على الوجه الذي قصدت، فإن شاهدتها وقع الطلاق ثلاثا عند الجمهور ـ بمن فيهم المذاهب الاربعة ـ وهو القول الراجح، ولا تحل حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا ـ نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تلزمك كفارة، لأنك قد قصدت التهديد والزجر كما ذكرت، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 133389
ولا يمنع هذا الطلاق في حال حصول المعلق عليه كونك قد كنت مريضا طالما أنك تلفظت به وأنت تعي ما تقول وهذا هو الظاهر، لأنك قد صرحت بتكرار الطلاق المعلق ثلاثا مما يدل على إدراكك لما صدر منك.
وما نويته من طلاقها لا يلزم فيه شيء، لأن الطلاق لا يقع إلا بالتلفظ به، جاء في الموسوعة الفقهية: فإذا نوى التلفظ بالطلاق ثم لم يتلفظ به, لم يقع بالاتفاق, لانعدام اللفظ أصلا. انتهى.
كما أن إخبارك صديقك بصدور الطلاق منك معتقدا وقوعه لا شيء فيه طالما أنك لا تقصد إنشاءه بذلك، وبناء على ما تقدم فإن كانت زوجتك لم تشاهد تلك الأقلام التي قصدت فلا يلزمك طلاق وهي باقية في ذمتك كما كانت.
والله أعلم.