الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأت أيها الأخ خطئا عظيما بإقدامك على أكل هذا المال الحرام، والواجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ومن شروط هذه التوبة الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم الأكيد على عدم العودة إليه، ومن شروطها كذلك رد الحق إلى صاحبه الذي أخذته منه، ولا يجوز لك أن تتصدق بهذا المال، بل يجب دفعه لصاحبه ولو كان كافرا فضلا عن أن يكون مسلما على غير المذهب، لأنه ماله أخذ بغير حق فوجب رده إليه، ولا تبرأ ذمتك إلا بذلك، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا { النساء:58}.
وقال تعالى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ { البقرة:283}.
وقال صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك.
فهذا الرجل قد ائتمنك على ماله واستحفظك إياه، فوجب رد حقه إليه، قال الحافظ ـ رحمه الله ـ في الفتح: لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدراً، لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة تؤدَّى إلى أهلها مسلِماً كان أو كافراً، وأن أموال الكفار إنما تحل بالمحاربة والمغالبة. انتهى.
فإذا كان هذا في حق الكفار فمن كان على غير المذهب أولى أن تراعى حرمة ماله فيرد إليه ما أخذ منه بغير حق، ويمكنك رد المال إليه دون أن تخبره بما صدر منك من الخيانة، وانظر الفتوى رقم: 135759.
والله أعلم.