الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمبادلة الذهب بالذهب لا تجوز متفاضلا أو متراخيا، فلابد من اتحاد الوزن، ولابد من التقابض في مجلس العقد، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا -أي تفاضلوا- بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز. متفق عليهما.
فعلم من هذا أن بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا وزنا بوزن ويدا بيد. وعليه فقد أخطأت السائلة وأختها في عدم مراعاتهما وزن الذهب عند المبادلة، وقد كان المخرج من ذلك أن تبيع كل منهما للأخرى خاتمها بالمال -الريالات- كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تفعل بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا . متفق عليه .
والذي عليكما الآن أن تتراداّ البيع، فتأخذ كل منكما خاتمها من الأخرى، وتتبايعا بعد ذلك إن شئتما بالمال كما سبق، فعن أبي سعيد قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فقال : ما هذا التمر من تمرنا . فقال الرجل : يا رسول الله بعنا تمرنا صاعين بصاع من هذا . فقال رسول الله : هذا الربا، فردوه ثم بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هذا . رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
قال القرطبي في المفهم : قوله فردوه يدل على وجوب فسخ صفقة الربا، وأنها لا تصح بوجه . وهو حجة للجمهور . اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : وفيه أن صفقة الربا لا تصح. اهـ .
والله أعلم.