الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتنازل في معنى الهبة وهي تمليك بلا عوض أي من غير مقابل، وأما إن كان بمقابل متفق عليه فهو بيع وليس تنازلاً والذي يظهر أن السائلة قد تنازلت بلا عوض، ولكنها من حيث التوثيق في الأوراق الرسمية أثبتت عوضاً، فإن كان كذلك فالعبرة بالحاصل فعلا فيكون هذا تنازلاً بمعنى الهبة لا البيع، وأما حكم التصرف هذا قانوناً، أو ما هي آثاره القانونية فهذا يسأل عنه المختصون بالقانون في بلدك، والهبة إذا كانت لنصيب مشاع كما معنا، فقد اختلف فيها أهل العلم، بناء على أنه يشترط في الشيء الموهوب أن يكون محوزاً، والجمهور على جواز ذلك، والحنفية لا يجيزون هبة المشاع الذي يقسم كالذي معنا، وحجة الجمهور أن القبض في هبة المشاع غير المقسوم يصح كالقبض في بيع المشاع غير المقسوم غير أن الجمهور مع اتفاقهم على صحة قبض الحصة الشائعة وعدم منافاة الشيوع لصحة القبض قد اختلفوا في كيفية قبض الحصة الشائعة، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن قبض الحصة الشائعة يكون بقبض الكل، فإذا قبضه كان ما عدا حصته أمانة في يده لشريكه، لأن قبض الشيء يعني وضع اليد عليه والتمكن منه، وفي قبضه للكل وضع ليده على حصته وتمكن منها، قالوا: ولا يشترط لذلك إذن الشريك إذا كان الشيء مما يقبض بالتخلية.
وقال المالكية: قبض الحصة الشائعة يكون بوضع يده عليها كما كان صاحبها يضع يده عليها مع شريكه فلو وهب رجل نصف داره وهو ساكن فيها فدخل الموهوب له فساكنه فيها وصار حائزاً بالسكن والارتفاق بمنافع الدار والواهب معه في ذلك على حسب ما يفعله الشريكان في السكن فذلك قبض تام. انتهى الموسوعة الفقهية.
وبناء على ما تقدم، فلا يجوز للسائلة الرجوع في هبتها إذا كان زوجها قد حازها بالقبض، وأما إذا كان لم يحزها فيصح رجوعها في هبتها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 122074.
وفي حال لزوم الهبة وعدم صحة الرجوع فيها، فليس للزوج أن يحدث في المنزل الموروث بناءً، أو هدماً إلا بإذن بقية الورثة، فإن فعل كان لهم أن يطالبوه بهدم ما بناه دون إذنهم، ولكن لزوجك أن يطالب بالقسمة ويلزم بقية الورثة أن يجيبوه، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 112423، 117531، 115419.
والله أعلم.