الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان سؤالك السابق غير واضح ومن ثم فقد طلبنا إليك توضيحه، وأما ما يتعلق بما ذكرته في هذا السؤال فيجب أن تعلم أن الله تعالى حكيم، فهو تعالى يضع الأشياء في مواضعها ويوقعها في مواقعها، وقد يؤخر تعالى استجابة دعاء من يدعوه لحكمة بالغة، والعبد لا يعدم بدعائه ربه خيرا فإنه إن لم يستجب الله له فإنه يصرف عنه من السوء مثلها، أو يدخرها له ليوم القيامة، فلا ينبغي للعبد أن يدع الدعاء استبطاء للإجابة ومللا وسآمة للدعاء فإن العبد يستجاب له ما لم يعجل يقول قد دعوت فلم يستجب لي؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فاعلم أيها الأخ الكريم أنك عبد لله تعالى، وأن الله تعالى أرحم بالعبد من الوالدة بولدها، ففوض له أمرك وتوكل عليه في جميع شأنك، وارض بما يقدره ويقضيه واثقا أن في قضائه تعالى الحكمة والمصلحة، واجتهد في دعائه تعالى ولا تستعجلن الإجابة، واصبر على ما يقدره الله ويقضيه من المصائب والبلايا فإن الصابرين يوفون أجرهم بغير حساب، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن:11}.
قال علقمة: هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
فاعلم أن من ابتلي فصبر كان ثواب صبره يوم القيامة أحب إليه مما لو لم يصب بمصيبته تلك، واجتهد في التوبة والاستغفار فإن الاستغفار سبب لجلب النعم ودفع النقم، قال تعالى فيما قصه عن نوح عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا { نوح:10، 11، 12}
نسأل الله لنا ولك مغفرة الذنوب وتفريج الكروب.
والله أعلم.