الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأت ـ أيها الأخ ـ خطأ كبيرا بتماديك مع وسوسة الشيطان واسترسالك مع داعي الهوى والشهوة, وكان الواجب عليك أن تكبح جماح نفسك الأمارة بالسوء وبخاصة وأنت تنتسب إلى العلم والدعوة, فإن لطخة في الثوب الأبيض ليست كلطخة في الثوب الأسود, والتبعة على أهل العلم والدعوة وذوي التصدر في هذا الباب أكبر منها على غيرهم, ومن ثم قال الله تعالى مخاطبا نساء نبيه صلى الله عليه وسلم: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ {الأحزاب : 30}.
ومع هذا كله، فإن باب التوبة مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها, فتب إلى ربك تعالى توبة صادقة واندم على ما بدر منك من التفريط في جنب الله تعالى, واجعل همك الأكبر هو إصلاح ما بينك وبين الله تعالى، فإذا صدقت توبتك تاب الله عليك وعفا عنك وبدلك بالذل عزا وبالقلق انشراحا وطمأنينة, والحال كما قيل:
إذا كنت قد أوحشتك الذنوب فدعها إذا شئت واستأنس.
وباب الله تعالى لا يغلق في وجه أحد مهما عظم ذنبه وكبر جرمه, فأقبل على ربك وأشغل نفسك بالعبادة والعلم النافع وأعرض عن الشهوات وأغلق على نفسك بابها, وإن كنت غير متزوج فاجتهد في طلب الزوجة الصالحة، فإن لم تجد استطاعة فأكثر من الصوم ريثما يمن الله عليك.
وأما عن هذا الرجل وتهديده لك فالذي نراه أن لا تستسلم لتهديده وأن لا تترك الخير لأجل ما يتوعدك به, وناصحه في الله تعالى وبين له أن ما فرط منك كان زلة وأنك تبت إلى ربك تعالى منها, فإن لم ينتصح فاستخدم المعاريض في نفي ما يرميك به إن أمكنك ذلك وأما إن لم يمكنك التلخص من هذا الأمر وكنت تعلم أنه يفضحك إن استمررت في الدعوة حيث يطلع هو على ذلك في هذا الوقت, بل مفسدة ذلك أعظم لما في فضيحتك من تشهير بأهل الدين, ثم وسائل الدعوة ليست قاصرة على درس، أو محاضرة عامة, فيمكنك الاجتهاد في الدعوة إلى الله بوسائل أخرى لا يطلع عليها هذا الشخص, أو في أماكن أخرى غير التي يوجد فيها, مع الاجتهاد في مناصحته كما مر وأن تبين له أن هذه زلة قد تبت منها والله تعالى يقبل التوبة عن عباده, وأن تذكر له النصوص المرغبة في ستر المسلم والناهية عن فضيحته, حتى تواتي الظرف فتستمر في دعوتك إلى ربك تبارك وتعالى, ونسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا.
والله أعلم.