الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكرك أولا على غيرتك على أختك وعرضها وهذا من شأن المؤمن، فجزاك الله خيرا، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 95663.
وقد أحسنت بإنكارك عليها ما تقوم به من منكرات كالتبرج ونحوه، ولا شك أنه لا يجوز لها أن تبدي شيئا من محاسنها أمام ابن عمك، أو تمكنه من الخلوة بها، ولا يجوز لها أن تخرج إلى بيت الجيران إن كان خروجها تترتب عليه مفاسد، ولا ينبغي لها الإكثار من الخروج، فالأصل في المرأة قرارها في بيتها، لقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33 }.
ونوصيك بالصبر عليها والاستمرار في نصحها مع توخي الرفق واللين، وإن لم ترتدع ورجوت أن ينفعها الهجر فاهجرها، وإن خشيت أن يزيدها الهجر عنادا فترك هجرها أولى، وراجع ضوابط الهجر بالفتوى رقم: 62969.
والتبرؤ المذكور إن كنت تعني به أن تتبرأ من أفعالها السيئة فهو جائز، فقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.
وأما الدفاع عنها في وقت تحتاج فيه إلى نصرتك لها من ظالم فواجب إن كنت قادرا على ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما، أو مظلوما، قيل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، فكيف أنصره إذا كان ظالما؟ قال: تحجزه عن الظلم، فإن ذلك نصره. رواه البخاري.
وفي الحديث الآخر: ما من امرئ يخذل امرءا مسلما عند موطن تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته. رواه أحمد.
قال شمس الحق آبادي في عون المعبود: والمعنى ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول أو الفعل عند حضور غيبته، أو إهانته، أو ضربه، أو قتله إلا خذله الله. اهـ.
وإذا كان وليها موجودا فهو المسئول عنها، وعليه أن يأخذ بيدها ويمنعها من التصرفات المخالفة للشرع، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم: 6}
وإذا كنت أنت وليها فيجب عليك القيام بذلك، ولا تنس الدعاء لها بالتوبة والهداية، فالقلوب بين يدي علام الغيوب يقلبها كيف يشاء، قال تعالى: فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ {الأنعام 125}.
والله أعلم.