الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة عن السؤال نشد على يديك ونقوي من عزيمتك ونسأل الله تعالى أن يعينك ويبارك سعيك ويرزقك النجاح في الدنيا والآخرة، ونود أن نؤكد لك ـ أخي الكريم ـ حاجة الوطن والأمة جمعاء إليك وإلى أمثالك من أبنائها البررة وطلبة العلم الذين يحملون هذه الأفكار النيرة ويحبون الخير لأمتهم ويجمعون بين تحصيل العلوم الشرعية والدنيوية، ونسأل الله تعالى لك ولكل طالب علم مخلص التوفيق والسداد والأمن والحفظ من كل سوء ومكروه.
وبخصوص السؤال: فلا شك أن تعلم العلوم الدنيوية النافعة من فروض الكفاية التي يجب على المسلمين القيام بها، وإذا أهملوها أثموا جميعا، وإذا قام بها بعضهم سقط الإثم عن الجميع، ولأهمية القيام بفروض الكفاية في الشريعة الإسلامية قال بعض العلماء: إن القيام بها أفضل من القيام بفرض العين لعموم نفعها وإسقاط الإثم بالقيام بها عن جميع الأمة، قال صاحب المراقي:
وهو مفضل على ذي العين في زعم الأستاذ مع الجويني.
فطلب هذه العلوم من أعظم العبادات وأنفع القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وقد تتعين على بعض الطلبة فيكون تحصيلها فرض عين عليهم إذا توجهوا إليها وكانوا مؤهلين لتعلمها وكانت الأمة محتاجة إليها ولم يوجد مؤهل للقيام بها غيرهم، ولا يستبعد أن يكون تعلم هذه العلوم فرض عين بالنسبة لك ولأمثالك فامض في طريقك ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان، وأخلص النية لله تعالى في أعمالك كلها وفي طلب العلم سواء كان دينيا، أو دنيويا لتفوز بسعادة الدارين، فقد علمت فضل طلب العلم وشرف أهله.
وبخصوص الثواب في الحديث الذي أشرت إليه فإننا لم نقف على نص في ذلك، ومثل هذا لا يجوز أن يقال فيه بالرأي، ولكن ما ذكر من الأجر والخير في العمل الصالح لوجه الله كاف لشد الهمم لذلك فهذا العمل منها ومن أنفعها.
والله أعلم.