الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بين الله تعالى في كتابه أنه أرسل في كل أمة رسولا منهم, يذكرهم بأس الله تعالى وأيامه ويخوفهم عقابه ويدعوهم إلى طاعته وعبادته وحده لا شريك له, فقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ. {النحل :36}, وقال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ {فاطر:24}, وقال تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ. {يونس: 47}. إلى غير ذلك من الآيات.
وقد قص الله تعالى على نبيه قصص طائفة من الأنبياء عليهم السلام, ولم يقص عليه أنباء كثير منهم كما قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ {غافر : 78}. وقال تعالى: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ {النساء:164}.
قال القاسمي رحمه الله: روي في عدتهم أحاديث تكلم في أسانيدها, منها: حديث أبي ذر: إن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً, والرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر. صححه ابن حبان, وخالفه ابن الجوزي فذكره في موضوعاته واتهم به إبراهيم بن هاشم, وقد تكلم فيه غير واحد. انتهى.
وبهذا تعلم أن الجزم بأن جميع الأنبياء بعثوا في المنطقة العربية وأن أوروبا لم يبعث فيها أنبياء غير سديد, بل إنما قص الله علينا أنباء بعض من عاشوا في تلك المنطقة من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام, ولا يلزم من هذا أنه لم يبعث الله في غيرها رسولاً, بل القرآن مصرح بأن كل أمة قد بعث الله فيها رسولاً، وبأن كثيرًا من الرسل لم يقص الله خبرهم على نبيه صلى الله عليه وسلم كما مر بك.
والله أعلم.