الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشرط الموصي يجب الالتزام به طالما أنه لا يخالف الشرع، ولا تجوز مخالفته، أو تغييره، وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 9108ورقم: 26022.
وعلى ذلك، يجب صرف هذه الغلال بعد وفاة جد السائلة إلى القربى المقربة التي نصت عليها الوصية، سواء أكانوا أغنياء أم فقراء، فإن كان الموصي عين مراده بذلك فلا إشكال، وإلا فالذي يظهر أنه يعني أقرب الأقارب، وتعيين هؤلاء محل خلاف بين أهل العلم، فقال الشافعية: إن أوصى لأقرب أقاربه يدخل فيه الأصل والفرع، والأصح عند الشافعية تقديم ابن وإن سفل على أب، لأنه أقوى إرثا وتعصيبا، وتقديم أخ سواء كان لأبوين، أو لأب، أو لأم على جد لأب وأم، لقوة جهة البنوة على جهة الأبوة، ولا يرجح بذكورة ووراثة، بل يستوي الأب والأم والابن والبنت والأخ والأخت كما يستوي المسلم والكافر.
وقال الحنابلة: إن وصى لأقرب قرابته فالأب والابن سواء، وأخ لأبوين، أو لأب وجد سواء، والأخ من الأب والأخ من الأم سواء، وأخ من أبوين أولى من أخ لأب وأخ لأم، وكل من قدم على غيره قدم ولده، فيقدم ابن أخ الأبوين على ابن أخ لأب، إلا الجد فإنه يقدم على بني إخوته، وإلا أخاه لأبيه فإنه يقدم على ابن أخيه لأبويه، ويقدم الابن على الجد، والأب على ابن الابن. اهـ من الموسوعة الفقهية.
ثم ننبه على أن الموصي إن كان له عرف خاص في هذا اللفظ فلابد من مراعاته، ففي مسودة آل تيمية في أصول الفقه: قد رأيت بحوث القاضي في الفقه في مسألة الوصية لأقاربه وبعض مسائل الأيمان ذكر فيها أن اللفظ العام يخص بعادة المتكلم وغيره، في الفعل لا في الخطاب، وكلام أحمد يدل عليه فيمن أوصى لقرابته فإنه قال في أشهر الروايتين عنه أنه ينصرف إلى من كان يصله في حياته.
وهذا تخصيص للعموم بالعرف الفعلي دون القولي، لكن هذا إنما نص عليه إذا علم أن العموم ليس مرادا، فيبقى الكلام في حد التخصيص إذا لم يقم دليل على حد المخصوص، وجوز أن يكون هذا من العرف القولي بناء على أنه عرف خاص لهذا الموصى إذا ذكر اسم القرابة في معرض الإعطاء. اهـ.
ومثل هذه الأمور تحتاج إلى نظر القاضي الشرعي، فهو الذي يوكل إليه تنفيذ الوصايا على شرط الموصي، فإن كانت لمعينين نفذها بالإقباض، وإن كانت لغير معينين كان تنفيذها أن يتعين مستحقوها بالاجتهاد ويملكوها بالإقباض.
والله أعلم.