الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت والدتكم -شفاها الله- لا تملك من المال ما تحج به فالحج غير واجب عليها أصلا، ولا يجب على أبيكم إحجاجها من ماله، ولا يجب استنابة من يحج عنها كذلك، وأنتم مأجورون على السفر بها إلى العمرة إن كان ذلك لا يضر بها، وعدم سماحكم لها بالحج والحال ما ذكر لا ينافي البر بل هو من البر بها لما فيه من النظر في مصلحتها بدفع ما فيه مضرتها.
وأما إن كانت والدتكم تملك من المال ما تحج به وكان الحال ما ذكرتم من أن سفرها إلى الحج يشق عليها مشقة بالغة ويضر بها على النحو المذكور فإن كان هذا المرض يرجى زواله فإنها تنتظر حتى تشفى بإذن الله ثم تحج، وإن كان لا يرجى زواله فيجب أن تستنيب من يحج عنها بشرط أن يكون النائب قد حج عن نفسه، لما رواه البخاري و مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة من خثعم فقالت: : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: رجل مريض بمرض الصرع منذ ثلاث عشرة سنة ويستعمل دواء يمنع بقدرة الله تعالى حدوث نوبة الصرع، ولكن إذا تعب وأجهد حدث له الصرع فهل يجوز له أن يوكل أحدا يحج عنه ؟ أم يحج ويتحمل؟
فأجاب : إذا كان هذا لا يرجى أن يزول، فليوكل من يحج ويعتمر عنه إن كان عنده مال . وإن لم يكن عنده مال فالحج غير واجب عليه . أما إذا كان يرجى زواله باستمرار الدواء فلينتظر حتى يشفيه الله. انتهى.
والله أعلم.