الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحكم على الشخص بالشهادة يتوقف على وجود نص من نصوص الوحي يدل عليه، وقد سبق بيان أنواع الشهادة التي ورد بها النص في الفتوى رقم : 8223.
وبعض أهل العلم يوسع مفهوم الشهادة كما هو الحال عند الأحناف، فقد ذهبوا إلى أن المقتول ظلما على يد البغاة وقطاع الطرق يكون شهيدا، جاء في الفتاوى الهندية: الفصل السابع في الشهيد: وهو في الشرع من قتله أهل الحرب والبغي وقطاع الطريق، أو قتله مسلم ظلما ولم تجب به دية, وكذا إن قتله أهل الذمة، أو المستأمنون ولو وجبت الدية بصلح، أو بقتل الأب ابنه لا تسقط الشهادة، لأن الواجب القصاص، لكنه سقط بالصلح، أو الشبهة, ومن قتل مدافعا عن نفسه، أو ماله، أو عن المسلمين، أو أهل الذمة بأي آلة قتل بحديد، أو حجر، أو خشب فهو شهيد وحكمه أن لا يغسل ويصلى عليه ويدفن بدمه وثيابه. انتهى بتصرف.
وفي تبيين الحقائق في تعريف الشهيد: من قتله أهل الحرب والبغي وقطاع الطريق، أو وجد في المعركة وبه أثر, أو قتله مسلم ظلما ولم تجب بقتله دية, وكذا إذا قتله ذمي ولم تجب بقتله دية، لأن الأصل فيه شهداء أحد وكل مسلم مكلف طاهر قتل ظلما ولم يرتث ولم يجب بقتله عوض مالي فهو في معناهم. انتهى.
وفي نور الإيضاح للشرنبلالي: والشهيد من قتله أهل الحرب، أو أهل البغي، أو قطاع الطريق، أو اللصوص في منزله ليلا ولو بمثقل. انتهى.
وقال الجزيري في كتاب فقه المذاهب الأربعة: ومثل الشهيد المتقدم المقتول ظلما بأن قتل وهو يدافع عن عرضه، أو ماله ونحو ذلك، فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن، بل يدفن بثيابه. انتهى.
والذي نراه ـ والعلم عند الله ـ أن من قتله البغاة، أو اللصوص وكذا سائر الشهداء سوى قتيل الكفار في الحرب فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه شأنه شأن سائر المسلمين، وهذا ما يعرف بشهيد الآخرة، جاء في الذخيرة: وفي الجواهر: المقتول ظلما، أو قصاصا والمبطون وسائر الشهداء وتارك الصلاة والمحارب إذا قتلوا يغسلون ويصلى عليهم. انتهى.
وفي مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل: ومن المدونة قال مالك: وأما من قتل مظلوما، أو قتله اللصوص في المعترك، أو مات بغرق، أو هدم: فإنه يغسل ويصلى عليه وكذلك إن قتله اللصوص في دفعه إياهم عن حريمه. انتهى.
وفي إعانة الطالبين: وأما شهيد الآخرة فقط فهو كغير الشهيد فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وأقسامه كثيرة فمنها الميتة طلقا والمقتول ظلما. انتهى.
وعليه، فإن من قتل من المسلمين ظلما في مثل هذه المصادمات فنحسبه شهيدا عند الله تعالى في الآخرة، لكنه في أحكام الدنيا يغسل ويكفن ويصلى عليه شأنه شأن موتى المسلمين.
والله أعلم.