الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أنّ الخاطب أجنبي عن مخطوبته ـ ما دام لم يعقد عليها ـ شأنه شأن الرجال الأجانب، فلا يجوز له أن يخلو بها، أو يلمس بدنها، أو يحادثها بغير حاجة، وانظر حدود تعامل الخاطب مع مخطوبته في الفتوى رقم: 57291.
وعلى ذلك، فقد تعديتما حدود الله بما وقع بينكما من الخلوة والتقبيل ونحو ذلك، فالواجب عليكما التوبة إلى الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر وعدم المجاهرة بالذنب، فلا يجوز لك أن تخبر هذا الرجل بما وقع بينكما من المحرمات، وإنما يجب عليك الستر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. متفق عليه.
قال ابن علان: بأن علم منه معصية فيما مضى لم يخبر بها حاكماً، وهذا للندب، إذ لو لم يستره ورفعه لحاكم لم يأثم إجماعاً، بل ارتكب خلاف الأولى، أو مكروهاً، أما كشفها لغير الحاكم كالتحدث بها فذلك غيبة شديدة الإثم والوزر. اهـ
وجاء في مختصر الشيخ خليل وهو من الكتب المعتمدة عند المالكية: وعليه كتم الخنا ـ قال صاحب منح الجليل في شرحه: وعليه: أي الولي ـ وجوبا كتم الخنا: أي الفحش الذي في وليته من زنى وسرقة ونحوهما.
وإخبارك الرجل بهذه المعصية لم يتعين وسيلة للإصلاح بين أبيك وأبي الفتاة، بل ربما يؤدي إلى الإفساد بينهما زيادة على هتك الستر.
والله أعلم.