الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن دعوة المظلوم مستجابة، لما روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.
ولكن من موانع إجابة الدعاء أن يدعو المرء بإثم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه مسلم وغيره.
ومن الإثم أن يدعو المظلوم على ظالمه بأعظم من مظلمته، لأن الدعاء قصاص ـ كما قال أهل العلم ـ والجنة أعظم مطلوب فلا يمكن أن يقابل الحرمان منها بأي مظلمة في الدنيا مهما عظمت، فمن دعا بالحرمان منها على ظالمه فإنه يكون قد تجاوز ماله من الحق وبالتالي يكون ذلك مانعا من استجابة دعائه، ويجوز أن يدعو على ظالمه بما يقابل مظلمته، كما قال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى: 40}.
وسبق أن بينا أن الأفضل للمظلوم أن يصبر ويغفر، كما قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى : 43}.
كما بينا أن من حق المظلوم الأخذ بحقه ممن ظلمه دون اعتداء، أو مجاوزة، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 54545، 20322، 107843، 70611.
والله أعلم.