الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه التصرفات التي يفعلها هذا الشاب مع صديقه في الإغضاء عن أخطائه والسعي في إرضائه والاعتذار إليه عند موجب ذلك تصرفات حسنة ما لم تجر إلى إقراره على منكر، أو متابعته عليه، فإن المسلم مطالب بأن تكون بينه وبين أخيه المسلم المودة وحسن العشرة فهذا من مقتضيات الإيمان، ففي صحيح مسلم من حديث النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وروى الطبراني في الأوسط عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
فليس من حق الزوجة أن تلومه على هذه المعاملة منه لصديقه، ولكن لها أن تطالبه بمثلها، أو أحسن منها وينبغي لزوجها أن يكون معها كذلك، بل هي الأولى بهذه الأخلاق، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي.
فالمودة بين الزوجين من أسباب استقرار الأسرة والزوج مطالب بأن يحسن عشرة زوجته، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
وقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
ومثل هذه المعاملة تعود خيرا وبركة على الأسرة المسلمة ويكون لها الأثر الطيب في نشأة الأبناء نشأة سوية تقر بها أعين الوالدين.
وأما التغافل والانشغال عن الزوجة وعدم التزام الأدب في حسن الإصغاء لها والاهتمام بأمرها ونحو ذلك: فإنه يتنافى مع حسن العشرة، وينبغي للزوجة أن لا يكون عندها إفراط في الحساسية، ولتلتمس لزوجها عذرا ما وجدت للعذر موضعا، أثر عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير موضعا. ذكره عنه ابن كثير في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور مع اختلاف في اللفظ وعزاه إلى كتاب الزهد للإمام أحمد.
والله أعلم.