الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي السائل أولا أن الأصل في الصلاة أنها تصلى لوقتها، ولا تجمع مع غيرها بدون عذر شرعي كسفر أو مرض أو مطر, فإن كانت المسافة التي ذكرتها هي من مفارقة عمران بلدة إقامتك إلى أول عمران بلدة عملك فهي مسافة سفر، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
المسافة التي يشرع فيها القصر في السفر هي التي تبلغ مسيرة يومين للراحلة, وتقدر بثمانين كيلا تقريبا, والمسافة تعتبر من مفارقة البنيان الذي سافر منه الشخص إلى أول عامر البلد الذي قصده الشخص ... اهـ .
ولا حرج عليك حينئذ في تأخير صلاة المغرب إلى وصولك لمدينتك وتصليها مع صلاة العشاء ويكون هذا جمع تأخير لأنك مسافر يجوز لك الترخص برخص السفر ومنها الجمع بين الصلاتين.
جاء في مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى :
إذا سافر المسلم مسافة 80 كيلو مترا تقريبا أو أكثر , للنزهة أو للصيد أو لغير ذلك من الأسباب المباحة شرع له القصر , فيصلي الأربع اثنتين , ويجوز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير , على حسب ما يراه أرفق به ..اهـ,
ولا شك أن الأرفق بك أن تجمع المغرب مع العشاء عند وصولك وبهذا تعلم جواب سؤالك هل الأولى ... إلخ.
وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى فيمن كان مسافرا بالطائرة ويعلم أنه سيصل إلى الأرض قبل خروج الوقت أنه لا يصلي في الطائرة، بل يصلي عند الوصول حتى يتمكن من القيام والركوع والسجود. قال رحمه الله تعالى كما في مجموع فتاواه : ... أما إذا كان يمكن هبوط الطائرة قبل خروج الوقت للصلاة الحاضرة . أو التي تليها إن كانت تجمع إليها فإنه لا يصلي في الطائرة لأنه لا يمكنه الإتيان بما يجب , فعليه أن يؤخر الصلاة حتى يهبط ويصليها على الأرض ليتمكن من فعل الواجب. اهـ.
وأما إن كانت المسافة المذكورة ليست من مفارقة عمران بلد إقامتك فإنها لا تعتبر مسافة قصر, ويلزمك أن تصلي المغرب في وقتها ولا يجوز لك جمع المغرب مع العشاء عند الوصول , فإن استطعت أن تصليها قبل صعود القطار فذاك , وإلا فصلها في القطار , فإن تيسر لك أن تصلي في مكان من القطار تستطيع فيه القيام والركوع والسجود فذاك , وإلا فصل في كرسيك قائما وأومئ بالركوع والسجود، واجتهد في تحري القبلة، ولا تطالب بإعادة الصلاة عند وصولك، ولو أعدتها عملا بقول من أوجب ذلك فهو أحوط، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
قال ابن باز رحمه الله عن الصلاة في القطار :
يجب عليك وعلى كل ركاب القطار من المسلمين أن يصلوا الصلاة في وقتها , ولهم أن يجمعوا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما إذا كانوا مسافرين , وعليهم أن يصلوا حسب طاقتهم , قائمين أو جالسين , وإذا لم يستطيعوا الركوع أو السجود أومؤوا بذلك , وجعلوا السجود أخفض من الركوع ؛ لقول الله سبحانه : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}. والواجب على قائد القطار أن يرفق بهم وأن يقف بهم في الأماكن المناسبة لأداء الصلاة في وقتها . اهـ.
وقال أيضا عن تحري القبلة :
الواجب على المسلم إذا كان في الطائرة , أو في الصحراء أن يجتهد في معرفة القبلة بسؤال أهل الخبرة , أو بالنظر في علامات القبلة حتى يصلي إلى القبلة على بصيرة , فإن لم يتسر العلم بذلك اجتهد وتحرى جهة القبلة وصلى إليها ويجزئه ذلك ولو بان بعد ذلك أنه أخطأ القبلة ؛ لأنه قد اجتهد واتقى الله ما استطاع , ولا يجوز له أن يصلي الفريضة في الطائرة , أو في الصحراء بغير اجتهاد , فإن فعل فعليه إعادة الصلاة , لكونه لم يتق الله ما استطاع ولم يجتهد . اهـ
وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز الجمع بين الصلاتين لغير المسافر عند وجود الحرج والمشقة بعدم الجمع كما بيناه في الفتوى رقم : 119126, وعلى هذا القول يجوز لك تأخير المغرب إلى أن تجمعها مع العشاء من غير أن تتخذ ذلك عادة.
والله أعلم .