الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي نظنه أن السائلة قد فهمت من هذه العبارة أن الزنا أعظم من الكفر الذي هو ضد الإيمان. فإن كان هذا هو فهمته، فالسبب أنها لم ترجع للمصدر الأصلي، فشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يتكلم عن الكفارة لا الكفر، يعني أن الزاني لا تجب عليه الكفارة بصيام أو عتق أو إطعام، بل لابد من التوبة، وهذا لا إشكال ولا خلاف فيه، فأسباب وجوب الكفارات منحصرة في خمسة أمور: الحنث في اليمين، والقتل، والإفطار في نهار رمضان، وارتكاب محظورات الحج أو الإحرام، والظهار. على خلاف بين أهل العلم في تفاصيل ذلك.
وأما الزنا فلم يقل أحد من أهل العلم أنه يوجب الكفارة على صاحبه، ونص كلام الشيخ رحمه الله هو: أما الكفارة ـ يعني كفارة قتل العمد ـ فجمهور العلماء يقولون: قتل العمد أعظم من أن يُكفَّر. وكذلك قالوا في اليمين الغموس، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه، كما اتفقوا كلهم على أن الزنا أعظم من أن يُكفَّر- بضم الياء وفتح الكاف والفاء - فإنما وجبت الكفارة بوطء المظاهر، والوطء في رمضان. وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: بل تجب الكفارة في العمد واليمين الغموس. واتفقوا على أن الإثم لا يسقط بمجرد الكفارة. اهـ.