الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت أيها الأخ السائل في عدم تفسير كتاب الله تعالى برأيك حتى ترجع إلى ما قاله أهل العلم وهذا هو الواجب، إذ من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ وإن وافق الصواب .
وأما عن معنى الآية فقد شبه الله تعالى الكافر بالأعمى بجامع عدم الاهتداء إلى وضع الشيء في موضعه، ولا يظهر أن ذلك في خصوص علم الغيب .
قال ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ {الأنعام : 50}. هذا ختام للمجادلة معهم وتذييل للكلام المفتتح بقوله : قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ {الأنعام: 50}. أي قل لهم هذا التذييل عقب ذلك الاستدلال . وشبهت حالة من لا يفقه الأدلة ولا يفكك بين المعاني المتشابهة بحالة الأعمى الذي لا يعرف أين يقصد ولا أين يضع قدمه . وشبهت حالة من يميز الحقائق ولا يلتبس عليه بعضها ببعض بحالة القوي البصر حيث لا تختلط عليه الأشباح . وهذا تمثيل لحال المشركين في فساد الوضع لأدلتهم وعقم أقيستهم , ولحال المؤمنين بها والحال المطلوبة منهم التي نفروا منها ليعلموا أي الحالين أولى بالتخلق .
وقال الألوسي في روح المعاني : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ. أي الضال والمهتدي على الإطلاق أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ والاستفهام إنكاري والمراد إنكار استواء من لا يعلم ما ذكر من الحقائق ومن يعلمها مع الإشعار بكمال ظهورها والتنفير عن الضلال والترغيب في الاهتداء وتكرير الأمر لتثبيت التبكيت وتأكيد الإلزام أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ .
والله أعلم.