الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحاشا نبي الله زكريا أن يكون منه اعتراض على قضاء الله، وقد كان نبي الله زكريا ـ عليه السلام ـ جازماً بأن الله على كل شيء قدير وإلا لما توجه إليه بهذا الدعاء، وفي سر استفهامه بعد حصول البشارة بما دعا به أجوبة لأهل العلم، قال الألوسي رحمه الله: وإنما قال ذلك عليه السلام مع سبق دعائه بذلك وقوة يقينه بقدرة الله تعالى بعد مشاهدته عليه السلام الشواهد السالفة استفساراً عن كيفية حصول الولد أيعطاه على ما هو عليه من الشيب ونكاح امرأة عاقر؟ أم يتغير الحال؟ قال الحسن، وقيل: اشتبه عليه الأمر أيعطى الولد من امرأته العجوز أم من امرأة أخرى شابة؟ فقال ما قال، وقيل: قال ذلك على سبيل الاستعظام لقدرة الله تعالى والتعجب الذي يحصل للإنسان عند ظهور آية عظيمة كمن يقول لغيره: كيف سمحت نفسك بإخراج ذلك الملك النفيس من يدك! تعجباً من جوده، وقيل: إن الملائكة لما بشرته بيحيى لم يعلم أنه يرزق الولد من جهة التبني، أو من صلبه فذكر ذلك الكلام ليزول هذا الاحتمال، وقيل: إن العبد إذا كان في غاية الاشتياق إلى شيء وطلبه من السيد ووعده السيد بإعطائه ربما تكلم بما يستدعي إعادة الجواب ليلتذ بالإعادة وتسكن نفسه بسماع تلك الإجابة مرة أخرى فيحتمل أن يكون كلام زكريا عليه السلام هذا من هذا الباب، وقيل: قال ذلك استبعاداً من حيث العادة. انتهى.
وفيما ذكره ـ رحمه الله ـ مقنع في إزالة هذا الإشكال.
والله أعلم.