الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ينبغي هو تجنب الوسوسة في جميع الأبواب، وخاصة ما يتعلق بباب الكفر، فإن الاسترسال مع الوساوس في هذا الباب يوقع في شر عظيم.
ثم اعلمي أن الواجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب استطاعته، ولا يضره ألا يستجيب الناس له أو يعرضوا عن نصحه إذا فعل ما عليه، وبين لهم الحق، وأرشدهم إلى الصواب، فإن كتم الحق حال تعينه عليه وترك النهي عن المنكر لم يكن بذلك كافرا، وإنما يكون عاصيا متعرضا للوعيد، قال تعالى: وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:24}. وقال تعالى: وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ {آل عمران:187}. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة.
وبهذا تعلمين أن تركك إنكار المنكر، وسكوتك على ما ترينه من الباطل لا يعد كفرا، وإن فرض وجوبه وتعينه عليك، فغاية ما في الأمر أن تكوني مرتكبة لمعصية من المعاصي لا متلبسة بمكفر من المكفرات.
والله أعلم.