الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في المذي يصيب الثوب هل يجب غسله كسائر النجاسات أو يكتفى فيه بالنضح دفعا للمشقة ورفعا للحرج، والثاني هو قول كثير من الحنابلة وهو الأقوى دليلا والأرفق بالمكلفين، وانظر الفتوى رقم: 50657.
وعليه؛ فإن قلنا بوجوب غسل الثوب من المذي وجبت إزالة عين النجاسة شأنه في ذلك شأن سائر النجاسات، وإن قلنا بإجزاء النضح كفى ذلك في التطهير، فمن نضح الثوب من المذي صار ثوبه محكوما بطهارته لكونه فعل ما أمر به شرعا وإن لم تزل عين النجاسة بذلك.
قال المرداوي في الإنصاف: أفادنا المصنف رحمه الله تعالى أن المذي نجس وهو صحيح فيغسل كبقية النجاسات على الصحيح من المذهب وعليه الجمهور، وعنه في المذي أنه يجزئ فيه النضح فيصير طاهرا به كبول الغلام الذي لم يأكل الطعام. جزم به في الإفادات والمنور والمنتخب والعمدة وقدمه في الفائق وإدراك الغاية، وابن رزين في شرحه واختاره الشيخ تقي الدين وصححه الناظم وصاحب تصحيح المحرر. انتهى.
والاجتزاء في تطهير المذي بالنضح من رحمة الله بعباده وتخفيفه عليهم.
يقول ابن القيم رحمه الله: ومن ذلك : أن النبي عليه الصلاة و السلام سئل عن المذي فأمر بالوضوء منه فقال: كيف ترى بما أصاب ثوبي منه قال : تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه. رواه أحمد والترمذي والنسائي. فجوز نضح ما أصابه المذي كما أمر بنضح بول الغلام.
قال شيخنا: وهذا هو الصواب لأن هذه نجاسة يشق الاحتراز منها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام ومن أسفل الخف والحذاء. انتهى.
والله أعلم.