الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحن إنما ذكرنا ما قاله العلماء في التوفيق بين الأحاديث، ولم نتعرض لترجيح أحد الوجوه، والوجه الذي استشكلته في الجمع بين الأحاديث قد يكون مشكلا من جهة أن الأخبار لا يدخلها النسخ، ومن ثم قال القرطبي في المفهم بعد ذكره هذا الوجه: وفيه بعد. وأحسن من هذا الوجه في الجمع بين هذه الأحاديث ما مشى عليه النووي رحمه الله وعبارته: قوله صلى الله عليه وسلم ( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ) فذكرهم وليس فيهم الصبي الذي كان مع المرأة في حديث الساحر والراهب وقصة أصحاب الأخدود المذكور في آخر صحيح مسلم، وجوابه أن ذلك الصبي لم يكن في المهد بل كان أكبر من صاحب المهد وإن كان صغيرا. انتهى. وارتضى هذا الوجه الألباني فقال رحمه الله: هذا ، ولم أجد في حديث صحيح ما ينافي هذا الحصر الوارد في حديث الصحيحين إلا ما في قصة غلام الأخدود ففيها أنه قال لأمه : " يا أمه اصبري فإنك على الحق " رواه أحمد ( 6 / 17 - 18 ) من حديث صهيب مرفوعا بسند صحيح على شرط مسلم. وفيه عنده زيادة أن أمه كانت ترضعه. وقد جمع بين هذا الحديث وحديث الصحيحين بأن حمل هذا على أنه لم يكن في المهد. انتهى مختصرا.
ومن قال من العلماء بأن حديث أبي هريرة محمول على أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم علم الزيادة فعذره أنه أراد الجمع بين ما صح عنده من الأحاديث على وجه لا يلزم منه رد شيء منها.
والله أعلم.