الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الغيبة هي ذكر الشخص بما يكره، كما جاء في صحيح مسلم مرفوعا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته.
والفرق بين الغيبة وبين الإخبار أن الإخبار بما وقع إذا كان لقصد علاجه واستجلاب النصح لمن وقع منه الخطأ، أو إرشاده إلى الصواب فليس بغيبة ولا حرج فيه ـ إن شاء الله تعالى ـ وإن كان القصد منه مجرد الإخبار بالمساوئ وأقوال الناس وأفعالهم التي لا يترتب على الحديث عنها مصلحة فإنه لا يجوز؛ لما فيه من الغيبة والقيل والقال، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 46283، 6710, 6082.
وأما السخرية: فإنها لا تجوز شرعا، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات: 11}.
وليس من السخرية ما جاء في كتاب البخلاء، فهو لم يوجه إلى شخص بعينه, وإنما هو ذم للبخل على وجه العموم.
وأما النصيحة: فقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم أساس الدين حيث قال: الدين النصيحة. رواه مسلم وغيره.وفي بعض روايات الحديث كررها ثلاث مرات تأكيدا لأهميتها, ولكن ينبغي أن تكون النصيحة سرا، قال الإمام الشافعي:
تعاهدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعه.
والله أعلم.