الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ واللفظ لمسلم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال الإيمان بالله، قيل ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور، وفي رواية: إيمان بالله ورسوله.
وليس في الحديث دليل على أن الحج المبرور هو أعلى هذه الأعمال مرتبة، بل هو دليل على أن الإيمان هو أفضل الأعمال على الإطلاق يليه في الفضل ما ذكر بعده وهو الجهاد ثم الحج المبرور وقد وردت أحاديث تعين أفضل الأعمال عن عدد من الصحابة بروايات مختلفة ذكرناها في الفتوى رقم: 20102
وقد ذكر أهل العلم أن اختلاف الروايات إنما جاء لاختلاف أحوال السائلين, فأجاب صلى الله عليه وسلم كل سائل بما هو أصلح له، أو أن الأفضلية تكون باختلاف الأوقات فقد يكون الجهاد مثلا أفضل في وقت ويكون الحج أفضل في أوقات أخرى, وأما الإيمان بالله وبرسوله فهو أفضل من جميع تلك الأعمال، لأنها تابعة له، قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: قال الحافظ: محصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما اختلفت فيه الأجوبة بأنه أفضل الأعمال أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال، لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن من أدائها وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل، أو أن أفضل ليست على بابها، بل المراد بها الفضل المطلق، أو المراد من أفضل الأعمال فحذفت من وهي مرادة. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 12178.
والله أعلم.