الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فمن كان على مثل حال السائل الكريم لا يناله - إن شاء الله - شيء من شؤم المعصية إذا أدى حق النصيحة حتى ولو جالس أهلها أثناء معصيتهم لهذا الغرض، الذي هو النصح والتذكير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد قال الله تعالى: وَإِذّا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {الأنعام:68-69}.
قال السعدي: هذا النهي والتحريم لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم، أو يسكت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله تعالى بأن كان يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم فيترتب على ذلك زوال الشر، أو تخفيفه فهذا ليس عليه حرج ولا إثم، ولهذا قال: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ـ أي: ولكن ليذكرهم ويعظهم لعلهم يتقون الله تعالى، وفي هذا دليل على أنه ينبغي أن يستعمل المذكر من الكلام ما يكون أقرب إلى حصول مقصود التقوى، وفيه دليل على أنه إذا كان التذكير والوعظ مما يزيد الموعوظ شراً إلى شره إلى أن تركه هو الواجب، لأنه إذا ناقض المقصود كان تركه مقصوداً. انتهى.
وراجع للمزيد من الفائدة الفتويين رقم: 118036، ورقم: 125295.
والله أعلم.