الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المرتب صرف له بناء على دعواه أنه سقط أثناء أداء عمله في المصنع فهذا كذب واحتيال، ولا يجوز له أخذ ذلك الراتب.
وأما إن كان يصرف له بناء على تقرير طبي من أنه غير صالح للعمل في فترة معينة، وكان عقده يلزم جهة عمله بدفع راتبه أثناء المرض، سواء أصيب أثناء عمله أو خارجه، فلا حرج عليه في الانتفاع بالراتب المذكور.
وأما ما يحضره إلى البيت من أغراض فلا حرج عليكم في الانتفاع به في قول طائفة من أهل العلم؛ لأنه لو فرضنا كون الراتب محرما عليه، لكنه يتعلق بذمته، وعليه أداء قدره إلى جهته، وقد وصل إليكم ذلك بطريق مباح عطية منه وهبة.
قال الشيخ ابن عيثمين رحمه الله تعالى في القول المفيد على كتاب التوحيد: قال بعض العلماء : ما كان محرما لكسبه ، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب ، بخلاف ما كان محرما لعينه ، كالخمر والمغصوب ونحوهما ، وهذا القول وجيه قوي ، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما لأهله ، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت ، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: ( هو لها صدقة ولنا منها هدية). اهـ
وقال أيضا في تفسير سورة البقرة : وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا ، أو عن طريق الكذب ، وما أشبه ذلك ؛ وهذا محرم على مكتسبه ، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح .... .
والله أعلم.