الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل المولى العلي القدير أن يفرج همك وأن يكشف كربك وأن يصلح لك أهلك وزوجك إنه على كل شيء قدير وكل أمر عليه يسير، ونوصيك بالاعتصام بالله وتوثيق الصلة به سبحانه فهو المجير لمن استجار به والمجيب لدعوة المضطرين وكاشف البلاء عن المستغيثين، قال سبحانه: وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ {المؤمنون: 88}.
وقال أيضا: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل:62}.
وعليك بالصبر فبه يتسلى المبتلى ويرفع بإذن الله إلى الدرجات العلى وتكفر ذنوبه وسيئاته، وتغفر له خطاياه وزلاته، وللمزيد فيما يتعلق بفضائل الصبر راجعي الفتوى رقم: 18103.
وينبغي أن يسود بين الأهل الوحدة والائتلاف لا الفرقة والاختلاف، فإن الشيطان حريص على تشتيت الشمل والتفريق بين الأحبة، ففي صحيح مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء. ثم يبعث سراياه. فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيئ أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. قال ثم يجيئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال فيدنيه منه ويقول: نعم أنت".
قال الأعمش: أراه قال "فيلتزمه ".
فإذا حاول الشيطان أن ينزغ بينكم فعلى الجميع أن يتقي الله ويصبر، فمن كان في قلبه غيرة فلا تدفعه غيرته إلى الظلم، ومن وقعت عليه الغيرة فليصبر، وعلى الوالدين أن يتقوا الله ويعدلوا بين أولادهم كما أنهم يحبون أن يكونوا لهم في البر سواء، وتراجع الفتوى
رقم: 45988.
وعلى الزوج أيضا أن يحسن عشرة زوجته كما أمره الله تعالى في كتابه، ويجب عليه أن يحذر من أن يظلم زوجته، أو يعتدي عليها وليعلم أن الله تعالى أقدر عليه قال سبحانه: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}.
وأما بالنسبة لهذا الهجر الذي أسميته بالهجر الجميل بمعنى أن تصلي أهلك في المناسبات والأعياد فلا حرج فيه، والظاهر أنك تعنين صلتهم بالزيارة، ولكن هنالك وسائل أخر للصلة كالاتصال الهاتفي والإهداء ونحو ذلك، فصليهم بمثل هذا وأحسني إليهم وإن أساءوا إليك، فهذا من أعظم أسباب إزالة الضغائن والأحقاد التي في القلوب، قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34}.
قال ابن كثير في تفسيره: إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك والحنو عليك حتى يصير كأنه ولي لك حميم أي قريب إليك من الشفقة عليك والإحسان إليك. اهـ.
وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك هجر والديك بالكلية، وأما غيرهما من الأقارب فيجوز هجرهم إن كان هذا الهجر لأمر شرعي لا لأمر دنيوي؛ إلا أن الأولى مراعاة المصلحة في ذلك، وللأهمية راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 146409، 29790 134761.
ونوصيك بالحرص على الطاعات والإكثار من ذكر رب الأرض والسموات، والحرص على صحبة النساء الصالحات، فإن ذلك من أعظم ما يمكن أن يعينك في تخفيف هذه الضغوط النفسية، وننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا، فهنالك استشارات شرعية واستشارات نفسية يمكنك الاستفادة منها، وهنالك مجال للكتابة إليهم فراجعي هذا القسم.
والله أعلم.