الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض الحسن من فضائل الأعمال وما يتقرب به إلى الكبير المتعال، وقد قال سبحانه: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الحج: 77 }.
قال السرخسي في المبسوط: والإقراض مندوب إليه في الشرع. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: والقرض مندوب إليه في حق المقرض مباح للمقترض، لما روينا من الأحاديث ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ـ وقال أبو الدرداء: لأن أقرض دينارين ثم يردان، ثم أقرضهما أحب إليَّ من أن أتصدق بهما ـ ولأن فيه تفريجا عن أخيه المسلم فكان مندوبا إليه كالصدقة عليه وليس بواجب، قال أحمد: لا إثم على من سئل القرض فلم يقرض. انتهى.
وبالتالي، فما دام عملك في الشركة مجرد طباعة الخطابات الإدارية والتنسيق لمتابعة سير العمل مع الشركات ونحوها مما لاتملك فيه قرارا تستطيع به جلب نفع، أو دفع ضر عن صاحب تلك المؤسسة ولم تفهم من قصده أنه أراد التأثير عليك من أجل أن تحابيه في العمل، وإنما قصد فعل الخير، فلا حرج عليك أن تقبل منه ذلك العرض وتقترض منه قرضا حسنا لتبني بيتا، أو غيره ثم تعيد إليه ماله، وأما لو كان مراده هو استمالتك لتتغاضى عن بعض أخطائه، أو تقصير شركته مع مؤسستك فلا يجوز لك أن تقترض منه لكونه ربا في حقه، إذ يجر به منفعة لنفسه ورشوة في حقك، لأنك تدفع به حقا، أو تحق به باطلا، فإن لم يكن هذا، أو ذاك، وإنما قصد الرجل مساعدتك فحسب فلا حرج واستفت قلبك، فالبر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، كما في حديث وابصة في مسند أحمد بسند حسن، كما قال المنذري ووافقه الألباني: يا وابصة استفت قلبك: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك.
والله أعلم.