الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يكن قصدك حرمان الورثة فلا حرج عليك ولا تأثم بهبتك لزوجتك ما تشاء من مالك، لكن يشترط لذلك شرطان:
الأول: أن يقع ذلك الفعل في حال الصحة والرشد.
الثاني: أن ترفع يدك عما وهبته لزوجتك ليتم القبض والحوز، وانظر في حوز الزوجة الفتوى رقم: 116708.
فإذا تمت الهبة وفق ما ذكرنا وحازتها الزوجة فهي هبة صحيحة ماضية ولا إثم فيها ما لم يكن قصدك منها حرمان بقية ورثتك من تركتك، لأنها حينئذ تعتبر حيلة محرمة، جاء في عمدة القاري لبدر الدين العيني عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة ـ رحمهما الله ـ قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق.
وقد نص العلماء على أن الحيل محرمة في الشريعة وأنها من أفعال اليهود التي استحقوا بها اللعن، وأن النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة، أو مخالفة، كما نص عليه الشاطبي في الموافقات وقال عن الحيل: حقيقتها المشهورة تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع كالواهب ماله عند رأس الحول فرارا من الزكاة، فإن أصل الهبة على الجواز، صار مآل الهبة المنع من أداء الزكاة وهو مفسدة، ولكن هذا بشرط القصد إلى إبطال الأحكام الشرعية. انتهى.
والله أعلم.