الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجمهور أهل العلم على أن الطلاق المعلق يقع بحصول المعلق عليه، وهو القول الراجح، كما سبق في الفتوى رقم: 19162.
وذهب الشافعية إلى أن من علق الطلاق على فعل غيره المبالي بتعليقه ففعل المعلق عليه ناسيا، أو جاهلا أو مكرها لم يحصل الحنث بذلك، كما في الفتوى رقم: 74399.
وأنت ذكرت أنك كلمت المحلوف عنها مرتين إحداهما جاهلة بأنها هي والأخرى متعمدة تكليمها كما يبدو فحصل الحنث عند غير الشافعية بالتكليم الأول وحصل عند الشافعية بالتكليم الثاني، وانحلت اليمين عند الفريقين بالحنث، وراجعي الفتوى رقم: 134234.
فتبين من هذا أن كلامك لتلك المرأة مرتين لا تلزم فيه إلا طلقة واحدة على كل حال وكان في إمكان زوجك أن يرتجعك بدون عقد جديد إذا لم تكن انقضت العدة، وأما إذا كان الارتجاع تأخر حتى انقضت العدة فلا بد من عقد جديد، وبخصوص حلفه على عدم خروجك من البيت فالظاهر من سؤالك أن صيغة يمينه: علي الطلاق أن لا تخرجي من البيت ـ وحينئذ فالمخرج من وقوع الطلاق عند جمهور أهل العلم هو عدم الخروج منه مطلقا، فإن خرجت على الوجه الذي قصد وقع الطلاق عند الجمهور، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تلزمه كفارة يمين إن كان لا يقصد طلاقا، ولا يمكنه التراجع عن يمين الطلاق، لأنها منعقدة عند الجمهور، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية يمكنه التراجع عن هذا التعليق ولا شيء عليه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 141126.
لكن إذا كان هذا الزوج قد نوى أن لا تخرجي لغير العلاج، أو لا تخرجي مدة زمنية معينة، أو كان المحلوف عليه خروجا مخصوصا وليس منه العلاج، فلا حنث عليه بخروجك لأجل علاج، أو بعد انقضاء تلك المدة، أو بخروج إلى أمر غير المحلوف عليه، لأن النية تخصص اليمين، كما يخصص اليمين أيضا السبب الحامل على اليمين، فإذا كان قد حلف لسبب معين، وزال السبب من غير فعل منه، أو كان العلاج غير داخل في السبب الحامل على اليمين فإنه لا يحصل الحنث بالخروج للعلاج، وإذا لم يحصل الحنث لم يقع الطلاق وكذا لا تلزمه الكفارة عند ابن تيمية، وراجعي في ذلك الفتوى رقم:53009.
والله أعلم.