كتب لها زوج أختها عقارا قبل موته فنازعها ابنه فحلفت كذبا أنها دفعت قيمته

26-3-2011 | إسلام ويب

السؤال:
قام زوج أختي والذي رباني وكان أبا لي، لأنني يتيمة وهو من قام بتربيتي بكتابة عقد بيع باسمي واسم ابنته لعقار من أملاكه وقد كان ميسور الحال من باب ستر البنات، فقد كان يخشى علينا أن يظلمنا أزواجنا، أو ابنه الوحيد الذي كان صغيراً، ولكنه أقر في العقد بأنه باع واستلم حقه من مبلغ البيع كاملا، مع العلم أننا لم ندفع له شيئا وتوفي ـ رحمة الله عليه ـ قبل أن يوثق العقد وبعد وفاته انتظرت إلى حين بلوغ ابنه سن الرشد وطالبته بتسجيل نصف البيت لي على أساس العقد، ولكنه رفض واضطررت إلى أن أرفع قضية في المحكمة فاتهمني ابنه أنا وجدته التي هي أمي أننا قمنا بربط والده وتوقيعه على العقد بالغصب وأننا قمنا بتزوير الأوراق والنصب على والده، مع العلم أن هذا لم يحدث، وقال إن أباه كان يتصدق علي ويربيني لوجه الله تعالى ولم يكن لدي أي مال لأدفع له مبلغ البيع، وعندما سألت أمي قالت إن المرحوم كان قد أخذ منها ذهباً قد أعطته إياه وقت شرائه لهذا العقار وكان قد كتب هذا العقد ليبرئ ذمته من دين أمي وحلفت لي على ذلك، وعلى هذا الأساس طلب مني القاضي أن أحلف أن العقد سليم وأنه كتبه برضا نفسه ولم يغصب على كتابته وأنه استلم مني ما قيمته مبلغ وقدره كذا وكذا وقت العقد، فهل يعتبر حلفي هذا من اليمين الغموس؟ أو أنني وقعت في حلف يمين باطل؟ مع العلم أنني لم أكذب، بل إن والدي أقر في عقد البيع أنه أخذ حقه وبرضا نفسه، فهل أعتبر كاذبة في هذا الحلف؟ مع أنني أعلم أنني لم أزور هذا العقد ولم أفعل ما اتهمني به ابنه، وكل ما فعلته أنني دافعت عن حق لي أعطاني إياه والدي برضاه وفي حياته، ومع ملاحظة أن ما كتبه أقل حتى من ربع ما يملك؟ وحكم لي القاضي، فهل هذا حرام أم حلال؟ مع العلم أنه ساومني على منزل آخر لي أن أعطيه نصفه كما أعطاني أبوه نصف منزل ووافقت ولكنه رفض حتى أن أعطيه مقابل ما أخذت وعرضت عليه أن أعطيه قيمة النصف الخاص بي المكتوب في العقد، ولكنه رفض.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن القواعد الفقهية المقررة: أن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وعلى ذلك فكتابة العقد بصيغة البيع المقبوض الثمن على خلاف الواقع لا يغير من حقيقة العقد شيئا، فالحاصل أن هذا العقد في حقيقته إما هبة، وإما وصية، فإن كان زوج أخت السائلة نجَّز أثر العقد من التمليك وإطلاق اليد في التصرف فهي هبة نافذة، وإن كان علق ذلك على موته فهي وصية، وهذا هو الأقرب لواقع السؤال، حيث كان غرضه تأمين البنات بعد وفاته، على ما فهمنا من السؤال، وفي هذه الحال تصح الوصية طالما كانت في حدود الثلث ولم تكن لوارث، كما هو الحال هنا، وعلى ذلك، فمن حق السائلة أن تمتلك المكتوب في العقد كوصية بعد وفاة الموصي، ويتأكد ذلك في حال ثبوت ما ذكرته من كون زوج أختها قد فعل ما فعل ليبرئ ذمته من الذهب الذي أخذه من أمها عند شراء هذا العقار، هذا من ناحية الاستحقاق، وأما من ناحية اليمين بالصيغة المذكورة والتي تتضمن أن المتوفى قد استلم من السائلة ما قيمته مبلغا وقدره كذا وكذا ـ فهذا لا شك أنه كذب، والكذب قد تواترت النصوص بتحريمه وأفحش أنواعه ما يكون في القسم ـ وهو اليمين الغموس ـ ولاسيما إن كان في شهادة عند القاضي، فعلى السائلة أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره، وأما من حيث الكفارة فأكثر أهل العلم إلى أن اليمين الغموس لا كفارة لها إلا التوبة والاستغفار، وذهب الشافعية إلى أن فيها مع ذلك كفارة اليمين المعروفة، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وقد كان بوسع السائلة أن تقسم على أن العقد سليم وأن المتوفى كتبه برضا نفسه ولم يغصب على كتابته وتبين للقاضي الشرعي حقيقة الواقع، فإن حكم لها فهذا ما أرادت، وإن حكم لخصمها فهو أفضل من الوقوع في مزلة هذه اليمين الغموس.

والله أعلم.

www.islamweb.net