الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن شعيرة حج بيت الله الحرام لم يكن مبدؤها في عهد إبراهيم ولا قصة الذبيح إسماعيل عليهما السلام، وإنما كانت من عهد آدم عليه السلام، فما من نبي-آدم ومن بعده- إلا و قد حج البيت كما روى البيهقي عن ابن عباس وغيره، بل كانت الملائكة تحجه قبل آدم. انظر الفتوى رقم: 41580.
وإذا كنت قد قرأت كتاب الله تعالى وتدبرت معناه، فإنك تجد فيه أكثر من دليل وفي أكثر من موضع أن الذبيح لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون إسحاق عليه السلام، ومن ذلك أن الله تعالى يقول عن امرأة إبراهيم -سارة- وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ {هود:71}
فكيف يعقل أن يؤمر إبراهيم بذبحه وهو صغير وهو عنده علم يقين بأنه يعيش حتى يلد يعقوب.
وفي سورة الصافات فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ {الصافات: 102،101}
فلما انتهى الحديث عن الذبيح- الغلام الحليم إسماعيل- جاءت البشارة الثانية بإسحاق. فقال تعالى: وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ {الصافات:112}.
فدل ذلك على أن البشارة الأولى غير البشارة الثانية. وقد بين المحققون من أهل العلم هذه الأدلة انظر الفتوى: 112167.
والله أعلم.