الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أهل اللغة من النحاة وغيرهم متفقون على جواز مخالفة بعض قواعدها في الشعر دون الكلام النثر، وذلك لضيق الشعر وارتباطه بتفعيلة وقافية معينة، وقد ذكروا لذلك أمثلة كثيرة وشواهد من قديم الشعر الجاهلي وغيره، جاء في الكتاب لسيبويه: اعلم أنه يجوز في الشعر ما لا يجوز في الكلام من صرف ما لا ينصرف، ثم قال: وما يجوز في الشعر أكثر من أن أذكره، وقال ابن هشام في مغني اللبيب ما معناه: تجويزهم في الشعر ما لا يجوز في النثر كثير، وقد أفرده بعضهم بالتصنيف.
وجاء في الخلاصة لابن مالك:
ولاضطرار، أو تناسب صرف ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف.
وقد ينصب المرفوع، إذا أمن اللبس، كما جاء في حاشية الخضري على ابن عقيل، وقد ينصب شذوذاً عند أمن اللبس، قال في الكافية:
ورفع مفعول به لا يلتبس مع نصب فاعل رووا فلا تقس.
سُمع: خرق الثوب المسمار، وكسر الزجاج الحجر بنصب المسمار والحجر، ومنه قوله:
مثل القنافذ هداجون قد بلغت نجران، أو بلغت سوآتهم هجر
برفع نجران وهجر ونصب سوآت، ولا يقاس على ذلك، بل يقتصر فيه على ما سمع منه، هذا وقد عرف بعضهم ضرورة الشعر بقوله:
ضرورة ما ارتكبو في الشعر ولم يكن مرتكبًا في النثر
وهي لدى ابن مالك لا تعدو ما ليس للشاعر عنه بد.
والله أعلم.