الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نشك أن يقول ذلك أحد من الموثوق بهم من أهل العلم، ونخشى أن يكون في هذا خطأ في حكاية القول عن قائله - لو ثبت أنه قد قاله - وعلى كل حال، فليس لهذا الكلام أساس من الصحة ولا يجوز العمل به، فإن الزوج إذا تلفظ بالطلاق قاصداً مختاراً وقع طلاقه ولا يتوقف ذلك على تسجيله، ولا نعلم أحداً من الفقهاء قال بذلك، بل إنهم متفقون على وقوع طلاق الهازل، قال الخطابي: اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول: كنت لاعباً، أو هازلاً، أو لم أنوه طلاقاً، أو ما أشبه ذلك من الأمور. انتهى.
فكيف يقال إذاً لا يقع الطلاق إلا بعد تسجيله؟ فإذا قال الزوج لزوجته مثلاً أنت طالق فهذا تنجيز للطلاق وليس وعداً به، وليس في الآية دليل لما ذهب إليه، بل الآية دالة على طلاق السنة وهو أن يطلق الرجل المرأة طاهراً من غير جماع طلقة واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، ففي الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ في قصة طلاقه امرأته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.
وعدة المرأة تبد بمجرد تلفظ الزوج بالطلاق لا بعد تسجيله، وأما قياس ذلك على تسجيل الزواج، فإن الزواج يثبت ولو لم يسجل، بل ويصح ولو هزلاً، كما في الحال في الطلاق، وراجع الفتوى رقم: 5296.
ولا يشترط في صحة الطلاق الإشهاد عليه، وهذا قول جمهور الفقهاء، وذلك لأن الطلاق حق للزوج فمتى ما أوقعه الزوج وقع، إلا أن الإشهاد مستحب، لقول الله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ {الطلاق:2}.
والله أعلم.