الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لأمه السدس ـ فرضا ـ لوجود أخوين للميت، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ { النساء: 11 }.
والمراد بالإخوة اثنان فأكثر، والباقي لأبيه ـ تعصيبا ـ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.
فتقسم التركة على ستة أسهم: للأم سدسها, سهم واحد. وللأب الباقي, خمسة أسهم.
وأما السؤال عمن يأخذ أجرة البيت الذي قام المتوفى بتأجيره بعد أن استأجره: فجوابه: أن الإجارة تنتقل إلى ورثة الميت ـ أبيه وأمه ـ كل بحسب حصته من التركة وهذا على قول جمهور أهل العلم القائلين بأن عقد الإجارة لا ينتهي بموت أحد المتعاقدين، جاء في الموسوعة الفقهية: إذا كان سبب الانتفاع الإجارة، أو الوصيّة، فقد ذهب جمهور الفقهاء ـ المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ـ إلى أنّه يقبل التّوريث، فالإجارة لا تنفسخ بموت الشّخص المستأجر، ويقوم وارثه مقامه في الانتفاع بها إلى أن تنتهي المدّة، أو تفسخ الإجارة بأسبابٍ أخرى، لأنّ الإجارة عقد لازم، فلا تنفسخ بموت العاقد مع سلامة المعقود عليه. اهـ.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.