الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك الشفاء والعافية، وأن يرزقك توبة نصوحا، ولا يلزم أن يكون ما أنت مصاب به من الوسوسة عقوبة من الله لك، ولكن قد يكون ذلك ابتلاء منه سبحانه وتعالى ليختبر صبرك وحرصك على الدين، فالواجب عليك ألا تستسلم لوسوسة الشيطان ولا لتلبيسه، بل كلما وسوس لك أنه قد خرج منك شيء فلا تعبأ بذلك، وامض في شأنك، ولا تحكم بنجاسة شيء معين إلا إذا تيقنت من تنجسه يقينا جازما تستطيع أن تحلف عليه.
وإذا شككت في انتقال النجاسة من جسم لآخر، فالأصل عدم انتقالها، فاعمل بهذا الأصل، وابن عليه حتى يحصل لك اليقين بخلافه، فما دمت لم تتيقن من أن النجاسة قد انتقلت من هذه المناديل إلى ثيابك الداخلية فإن الأصل هو طهارة هذه الثياب فضلا عما فوقها.
والأمر يحتاج منك إلى مجاهدة حقيقية وصبر على دفع هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها.
واعلم أن الشيطان - عدو الله - يريد أن يحول بينك وبين الخير، ويمنعك من العبادة بما يلقيه في قلبك من الوساوس، وقد نجح في ذلك بعض النجاح حين منعك بسبب هذه الوساوس من الصلاة، فلتكن عندك إرادة صادقة وعزيمة قوية في التغلب على الشيطان ودفع مكره وكيده، وأنت منصور عليه بإذن الله إذا صدقت المجاهدة واستعنت بالله تعالى، فحافظ على صلواتك ولا تفرط في شيء منها، ولا تطل المكث في الخلاء، بل متى فرغت من قضاء حاجتك فانهض.
وما دمت تعلم أن البول يستمر خروجه منك مدة، فإن كنت متيقنا بذلك، ولم يكن ذلك مجرد وسوسة فانتظر حتى ينقطع خروج البول ثم توضأ وصل، وتعامل مع بدنك وثيابك وجميع الأشياء من حولك على أنها طاهرة، فلا تحكم بنجاستها إلا بعد اليقين الجازم، وتب إلى الله تعالى مما وقع منك من السب فإن صدقت توبتك تاب الله عليك.
وأما ما يقع في نفسك من وساوس العقيدة فإنها لا تضرك ما دمت كارها لها نافرا منها، ولكن احرص على مجاهدتها ودفعها ما أمكن، وأنت مأجور على ذلك إن شاء الله، ولست عاصيا بسبب ما يعرض لك من الوساوس، لكنك تأثم إذا حملتك هذه الوساوس على معصية الله تعالى، وكان دفعها ممكنا لك فلم تفعل. وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها، 51601، 134196، 147101.
والله أعلم.