الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه أولا على أنه لا يلزمك طاعة أبيك في الزواج ممن لا تحب ولا تعتبر بذلك عاقا له؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 132296.
ولكن سعيك في إرضائه يعتبر من البر والإحسان اللذين تثاب عليهما كثيرا ـ إن شاء الله ـ
وبخصوص الطلاق الذي تلفظت به أثناء الحيض فهو نافذ عند الجمهور ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو القول الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه لا يقع، لكونه طلاقا بدعيا محرما، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 110547.
وفي خصوص ما إذا كان لك الأخذ بقول القائلين بعدم وقوع الطلاق البدعي، فالجواب أن أخذه تتبعا لرخص المذاهب غير جائز، كما قدمنا في الفتوى رقم: 5583.
وأما الأخذ به لزيادة ثقتك بالقائلين به، ورجحانه عندك من هذه الجهة فهذا هو الواجب في حقك، وراجع الفتوى رقم: 38050.
وبما أنك قد ارتجعت زوجتك فقد عادت لعصمتك، وإن استطعت أن تصبر على زوجتك هذه وتحسن عشرتها فافعل، خصوصا أنك قد ذكرت أنها محترمة ولك منها أولاد تحبهم كثيرا وقد يكون الطلاق سببا في ضياعهم، ونرشدك هنا إلى توجيه عظيم ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه الإمام مسلم وغيره.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. انتهى.
وليس على الحب وحده تبنى البيوت، ففي الزواج كثير من المصالح وقد لا توجد الناحية العاطفية ويستمر الزواج، أو توجد بعد أن لم تكن موجودة، مع العلم أنه يباح لك طلاقها لا سيما إن لم يحصل لك غرض بالمكث معها وأصبحت لا ترتاح معها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12963.
والله أعلم.