الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن هذه الضوابط المذكورة في السؤال تميِّز قروض هذا الصندوق الاجتماعي عن القروض التقليدية من البنوك الربوية، من جميع الحيثيات المذكورة، ولكن في الوقت نفسه يبقى فيها أصل الإشكال، وهو أن حقيقة القرض الربوي لا زالت موجودة ولو في بعض الحالات، فلو افترضنا أن أحد الشباب المستفيدين من هذا المشروع الاجتماعي قد بذل قصارى جهده لإنجاح مشروعه والتربح منه، ولكنه لم ينجح في ذلك بسبب متعلق بالسوق نفسه، فخرج دون ربح ولا خسارة، أو بربح أقل من قيمة الفائدة المستحقة على القرض، ففي هذه الحالة يجب عليه رد القرض مع فائدته المقررة سلفا، بما يعني أنه سيخسر جزءا من رأس المال نفسه في سداد الفوائد، مع كونه قد خسر وقته وجهده، وهذا يوضح أن هذا العقد لا يقوم على المشاركة ولا المضاربة، بل لا يعدو كونه قرضا ربويا، ولكنه ميسر الأداء، ويتوفر فيه بعض المعايير الاجتماعية والإنسانية، وعلى أية حال فربا الديون معناه الزيادة في الدين مقابل الزيادة في الأجل، بغض النظر عن تيسير السداد والاعتبارات الإنسانية في بعض الحالات، والقاعدة المقررة عند الفقهاء أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، وراجع الفتويين رقم: 42437، ورقم: 125641.
هذا، ويجدر التنبيه على أن أصل فكرة إعانة الشباب وتوفير فرص العمل لهم مما يُحمد ويشكر، ومما ينبغي أن يُشجَّع، ولكن ينبغي مع ذلك مراعاة الضوابط الشرعية، والتي سوف تعود على الجميع بالنفع، فلو عُدِّل هذا القرض لكي يكون عقد مضاربة بين الصندوق وبين الشباب المستفيدين، مع تقديم دراسات الجدوى وتوفير الضمانات الكافية التي يراعى فيها جانب التكافل والتعاون وقيام الدولة بمسئوليتها تجاه أبنائها، لكان ذلك كفيلا بحل مشكلة الشباب، وفي الوقت نفسه يعود بالنفع على ميزانية الصندوق، وقبل هذا وذلك يكون فيه مراعاة لحدود الشريعة التي لا تأمر إلا بالخير ولا تجيء إلا بالمصلحة العامة والخاصة: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا.
والله أعلم .