الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يتم عليك نعمة الهداية والاستقامة فإنه مما يشكر لك غيرتك وحرصك على حدود دينك والالتزام بما عرفت منها، وأما بخصوص ما سألت عنه فإن حرمة اتخاذ مثل هذا التمثال محل اتفاق بين أهل العلم، ويجب إتلافه، فعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته، ولا صورة إلا طمستها. رواه مسلم.
قال النووي: قَوْله: أَلَّا تَدَع تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْته ـ فِيهِ الْأَمْر بِتَغْيِيرِ صُوَر ذَوَات الْأَرْوَاح. اهـ.
وفي أسنى المطالب: للشيخ زكريا الأنصاري: يلزم المكلف القادر كسر الأصنام. اهـ.
فإن أمكنك ذلك دون خشية ضرر، أو مفسدة أعظم فافعل مأجورا ـ إن شاء الله تعالى ـ وراجع الفتويين رقم: 119309، ورقم: 117771.
ولا يجب عليك في ذلك ضمان، قال النووي في المنهاج: الأصنام وآلات الملاهي لا يجب في إبطالها شيء والأصح أنها لا تكسر الكسر الفاحش، بل تفصل لتعود كما قبل التأليف، فإن عجز المنكِر عن رعاية هذا الحد لمنع صاحب المنكر أبطله كيف تيسر. اهـ.
وعلل ذلك شارحوا المنهاج ـ كالمحلي والرملي والشربيني ـ بكونها محرمة الاستعمال والمنفعة، ولا حرمة لصنعتها، وقال الخرقي في مختصره: من أتلف لذمي خمرا، أو خنزيرا فلا غرم عليه، وينهى عن التعرض لهم فيما لا يظهرونه. اهـ.
وقال ابن قدامة في شرحه: جملة ذلك أنه لا يجب ضمان الخمر والخنزير سواء كان متلفه مسلما، أو ذميا لمسلم، أو ذمي، نص عليه أحمد في رواية أبي الحارث في الرجل يهريق مسكرا لمسلم، أو لذمي خمرا فلا ضمان عليه، وبهذا قال الشافعي. اهـ.
والخلاصة أنه ليس على السائل من بأس في إتلاف هذا التمثال دون علم صاحبه، ما لم يكن في ذلك مفسدة أعظم، ثم إننا نلفت نظر السائل إلى ضرورة السعي في دعوة زملائه هؤلاء إلى الإسلام، بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، فإن لم يكن عنده قدرة على ذلك فليُهد لهم الكتب المبينة لحقيقة الإسلام الشارحة لمعانيه وأركانه، لعل الله تعالى أن يجعله سببا في هدايتهم واستنقاذهم من النار، فيكون ذلك في ميزان حسناته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حُمْر النَّعَم. متفق عليه.