الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت بإقراضك لأخيك ذلك القرض الحسن ليصرف نظره عن الحرام ولك في ذلك أجر ـ إن شاء الله تعالى ـ وإذا أصر أخوك على الاقتراض وأدى إليك دينك من ذلك القرض الربوي فلا حرج عليك في أخذه، لأن حرمته إنما تتعلق بذمته لا بعين القرض ووزره عليه لا عليك، وعليه أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد حرم الربا، وتوعد ممارسه بحرب منه، فقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279،278}.
وجاء لعن آكله وموكله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ. رواه مسلم.
فلا يجوز ارتكاب الربا إلا لضرورة معتبرة شرعا وهي أن يخاف الشخص إذا لم يرتكبه أن يصيبه هلاك، أو مشقة بالغة، فيجوز له حينئذ ارتكابه بقدر ما تندفع به تلك الضرورة، لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ {الأنعام:119}.
ولا ضرورة فيما ذكرت تبيح لأخيك ارتكاب ذلك المحظور سيما وأنك قد أنظرته إلى حين ميسرة، فليتق الله تعالى وليعلم أن من اتقاه يسر أمره وفرج كربه ورزقه من حيث لا يحتسب، كما قال: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2، 3}.
والله أعلم.