الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت بدعائك لهذه المرأة أن يهديها الله تعالى، وينبغي أن تنصح برفق ولين ويبين لها خطأ ما قد تخطئ فيه، وإذا أردت أن لا تكوني ظالمة لهذه المرأة فعليك أن تؤدي حقها عليك، فإن كان بينك وبينها رحم فيجب عليك صلتها بما هو ممكن من وجوه الصلة. وإن لم يكن بينك وبينها إلا حق الإسلام، فحق المسلم على المسلم بيناه بالفتوى رقم : 6719.
وأما بالنسبة لأخيك فإذا حصلت القطيعة من جهته فإنه هو الذي يأثم بذلك، وإذا لم تحصل قطيعة من جهتك فلا تأثمين بذلك، ويجب عليك صلته وإن قطعك، وأدنى الصلة كما قال القاضي عياض : أدنى الصلة ترك المهاجرة والصلة بالكلام ولو بالسلام . اهـ ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم : 47724.
وأما يمين الطلاق التي تلفظ بها أبوكم فإن حصل ما حلف عليه بأن ذهب أي شخص من العائلة إلى مركز التحفيظ، فإن الطلاق يقع في قول الجمهور، سواء قصد إيقاعه أو قصد التهديد والمنع. وهذا هو القول الذي نفتي به.
ومن العلماء من ذهب إلى أنه إذا قصد المنع لا يقع الطلاق، وإنما تلزمه كفارة يمين. وراجعي الفتوى رقم : 19162. وننبه هنا إلى أنه إذا كان للحالف نية معينة أو سبب فزال السبب أنه لا يحنث بوقوع ما حلف عليه. وراجعي الفتوى رقم : 53220.
وبقي النظر في مسألة وهي : هل يجوز لك الذهاب إلى مركز التحفيظ ومخالفة أبيك؟ والجواب هو أن أهل العلم قد نصوا على أن العقوق يحصل بكل فعل يـتأذى به الوالد تأذيا ليس بالهين مع كون هذا الفعل ليس واجبا. وراجعي الفتوى رقم : 76303. فإن لم يكن الذهاب إلى هذا المركز متعينا فلا يجوز لك فعل ما يكون به تحنيث الوالد، فيقع الضرر على الوالدين معا بحصول الطلاق، فإن الطلاق المعلق على فعل يقع بحصول المعلق عليه مطلقا في قول جمهور الفقهاء وهو القول الذي نفتي به. وانظري الفتوى رقم : 19162.
وينبغي البحث في وسيلة أخرى يمكن أن يتحقق بها الغرض وهو حفظ القرآن وتعلم العلوم والمشاركة في الأعمال الخيرية من غير الذهاب إلى مركز التحفيظ الذي حلف والدك على عدم مجيئك له .
والله أعلم.