الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كفارة الجماع في نهار رمضان واجبة على الترتيب على الراجح، فلا يجزئ الانتقال عن واحدة من خصالها إلى ما بعدها إلا في حالة العجز، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مد من غالب قوت البلد، وقدره بحساب الكيلو 750 جراما من الرز تقريبا وعلى هذا، فإن لم تجد العتق ـ وهو غير متيسر في هذا الزمان ـ ولم تستطع الصوم لعجز معتبر ككبر، أو مرض تخاف زيادته، أو تأخر برئه فانتقل إلى الإطعام، قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: والكفارة عتق رقبة، فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، والمشهور من مذهب أبي عبد الله أن كفارة الوطء في رمضان ككفارة الظهار في الترتيب يلزمه العتق إن أمكنه، فإن عجز عنه انتقل إلى الصيام، فإن عجز انتقل إلى إطعام ستين مسكينا، وهذا قول جمهور العلماء، وبه يقول الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وعن أحمد رواية أخرى أنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام وبأيها كفر أجزأه وهو رواية عن مالك، وقال في كفارة الظهار: فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، أجمع أهل العلم على أن المظاهر إذا لم يجد الرقبة ولم يستطع الصيام أن فرضه إطعام ستين مسكينا على ما أمر الله تعالى في كتابه وجاء في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم سواء عجز عن الصيام لكبر، أو مرض يخاف بالصوم تباطؤه، أو الزيادة فيه، أو الشبق فلا يصبر فيه عن الجماع، إلى أن قال: ويجوز أن ينتقل إلى الإطعام إذا عجز عن الصيام للمرض وإن كان مرجو الزوال لدخوله في قوله سبحانه وتعالى: فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. انتهى.
وكفارة الجماع مثل كفارة الظهار فيما ذكر من الأحكام ولا فرق بين أن تطعم أنت المساكين الستين، أو تدفع قيمة الإطعام للجمعية المذكورة لتقوم بشراء الطعام وإيصاله للمساكين نيابة عنك، إذا كانت محل ثقة، وقيمة الطعام يرجع فيها إلى الجمعية التي تتولى ذلك فتقدر لكل بلد قيمة الطعام فيه، وهذا أمر يختلف باختلاف البلدان كما هو معروف، وانظر الفتوى رقم: 78920.
والله أعلم.